أن يسويها سبع سماوات، ثم سواها سبعا بعد استوائه إليها، فكيف زعمت أنها جماع؟ قيل:
إنهن كن سبعا غير مستويات، فلذلك قال جل ذكره: فسواهن سبعا: كما:
حدثني محمد بن حميد، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، قال: قال محمد بن إسحاق: كان أول ما خلق الله تبارك وتعالى: النور والظلمة، ثم ميز بينهما فجعل الظلمة ليلا أسود مظلما، وجعل النور نهارا مضيئا مبصرا، ثم سمك السماوات السبع من دخان يقال والله أعلم من دخان الماء حتى استقللن ولم يحبكهن، وقد أغطش في السماء الدنيا ليلها وأخرج ضحاها، فجرى فيها الليل والنهار، وليس فيها شمس ولا قمر ولا نجوم، ثم دحى الأرض، وأرساها بالجبال، وقدر فيها الأقوات، وبث فيها ما أراد من الخلق، ففرغ من الأرض وما قدر فيها من أقواتها في أربعة أيام. ثم استوى إلى السماء وهي دخان كما قال فحبكهن، وجعل في السماء الدنيا شمسها وقمرها ونجومها، وأوحى في كل سماء أمرها، فأكمل خلقهن في يومين. ففرغ من خلق السماوات والأرض في ستة أيام، ثم استوى في اليوم السابع فوق سماواته، ثم قال للسموات والأرض: ائتيا طوعا أو كرها لما أردت بكما، فاطمئنا عليه طوعا أو كرها، قالتا: أتينا طائعين.
فقد أخبر ابن إسحاق أن الله جل ثناؤه استوى إلى السماء بعد خلقه الأرض وما فيها وهن سبع من دخان، فسواهن كما وصف. وإنما استشهدنا لقولنا الذي قلنا في ذلك بقول ابن إسحاق لأنه أوضح بيانا عن خبر السماوات أنهن كن سبعا من دخان قبل استواء ربنا إليها بتسويتها من غيره، وأحسن شرحا لما أردنا الاستدلال به من أن معنى السماء التي قال الله فيها: ثم استوى إلى السماء بمعنى الجمع على ما وصفنا، وأنه إنما قال جل ثناؤه:
فسواهن إذ كانت السماء بمعنى الجمع على ما بينا.
قال أبو جعفر: فإن قال لنا قائل: فما صفة تسوية الله جل ثناؤه السماوات التي ذكرها في قوله: فسواهن إذ كن قد خلقن سبعا قبل تسويته إياهن؟ وما وجه ذكر خلقهن بعد ذكر خلق الأرض، ألانها خلقت قبلها، أم بمعنى غير ذلك؟ قيل: قد ذكرنا ذلك في الخبر الذي رويناه عن ابن إسحاق، ونزيد ذلك توكيدا بما انضم إليه من أخبار بعض السلف المتقدمين وأقوالهم.
فحدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي (ص): هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم