عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة الهمداني، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي (ص): بالغيب أما الغيب: فما غاب عن العباد من أمر الجنة وأمر النار، وما ذكر الله تبارك وتعالى في القرآن. لم يكن تصديقهم بذلك يعني المؤمنين من العرب من قبل أصل كتاب أو علم كان عندهم.
226 - حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي، قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، قال:
حدثنا سفيان عن عاصم، عن زر، قال: الغيب: القرآن.
227 - حدثنا بشر بن معاذ العقدي، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة في قوله: الذين يؤمنون بالغيب قال: آمنوا بالجنة والنار والبعث بعد الموت وبيوم القيامة، وكل هذا غيب.
228 - حدثت عن عمار بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس: الذين يؤمنون بالغيب: آمنوا بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر وجنته وناره ولقائه، وآمنوا بالحياة بعد الموت، فهذا كله غيب. وأصل الغيب: كل ما غاب عنك من شئ، وهو من قولك: غاب فلان يغيب غيبا.
وقد اختلف أهل التأويل في أعيان القوم الذين أنزل الله جل ثناؤه هاتين الآيتين من أول هذه السورة فيهم، وفي نعتهم وصفتهم التي وصفهم بها من إيمانهم بالغيب، وسائر المعاني التي حوتها الآيتان من صفاتهم غيره. فقال بعضهم: هم مؤمنوا العرب خاصة، دون غيرهم من مؤمني أهل الكتاب. واستدلوا على صحة قولهم ذلك وحقيقة تأويلهم بالآية التي تتلو هاتين الآيتين، وهو قول الله عز وجل: * (والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك) *. قالوا: فلم يكن للعرب كتاب قبل الكتاب الذي أنزله الله عز وجل على محمد (ص) تدين بتصديقه والاقرار والعمل به، وإنما كان الكتاب لأهل الكتابين غيرها.
قالوا: فلما قص الله عز وجل نبأ الذين يؤمنون بما أنزل إلى محمد وما أنزل من قبله بعد اقتصاصه نبأ المؤمنين بالغيب، علمنا أن كل صنف منهم غير الصنف الآخر، وأن المؤمنين بالغيب نوع غير النوع المصدق بالكتابين اللذين أحدهما منزل على محمد (ص)، والآخر منهما على من قبله من رسل الله تعالى ذكره. قالوا: وإذا كان ذلك كذلك صح ما قلنا من أن تأويل قول الله تعالى: * (الذين يؤمنون بالغيب) * إنما هم الذين يؤمنون بما غاب عنهم من الجنة والنار والثواب والعقاب والبعث، والتصديق بالله وملائكته وكتبه ورسله وجميع ما كانت العرب لا تدين به في جاهليتها، بما أوجب الله جل ثناؤه على عباده الدينونة به دون غيرهم. ذكر من قال ذلك: