وقفت فيها أصيلا لا أسائلها * أعيت جوابا وما بالربع من أحد (1) إلا أواري لأيا ما أبيها * والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد (2) والأواري معلوم أنها ليست من عداد أحد في شئ. فكذلك عنده استثنى (غير المغضوب عليهم) من (الذين أنعمت عليهم)، وإن لم يكونوا من معانيهم في الدين في شئ.
وأما نحويو الكوفيين فأنكروا هذا التأويل واستخطأوه، وزعموا بأن ذلك لو كان كما قاله الزاعم من أهل البصرة لكان خطأ أن يقال: (ولا الضالين) لان " لا " نفي وجحد، ولا يعطف بجحد إلا على جحد، وقالوا: لم نجد في شئ من كلام العرب استثناء يعطف عليه بجحد، وإنما وجدناهم يعطفون على الاستثناء بالاستثناء، وبالجحد على الجحد فيقولون في الاستثناء: قام القوم إلا أخاك وإلا أباك، وفي الجحد: ما قام أخوك، ولا أبوك، وأما قام القوم إلا أباك ولا أخاك، فلم نجده في كلام العرب، قالوا: فلما كان ذلك معدوما في كلام العرب وكان القرآن بأفصح لسان العرب نزوله، علمنا إذ كان قوله: (ولا الضالين) معطوفا على قوله: (غير المغضوب عليهم) أن " غير " بمعنى الجحد لا بمعنى الاستثناء، وأن تأويل من وجهها إلى الاستثناء خطأ. فهذه أوجه تأويل (غير المغضوب عليهم).
باختلاف أوجه إعراب ذلك.
وإنما اعترضنا بما اعترضنا في ذلك من بيان وجوه إعرابه، وإن كان قصدنا في هذا الكتاب الكشف عن تأويل آي القرآن، لما في اختلاف وجوه إعراب ذلك من اختلاف وجوه تأويله، فاضطرتنا الحاجة إلى كشف وجوه إعرابه، لتنكشف لطالب تأويله وجوه تأويله على قدر اختلاف المختلفة في تأويله وقراءته.
والصواب من القول في تأويله وقراءته عندنا القول الأول، وهو قراءة: (غير المغضوب عليهم) بخفض الراء من " غير " بتأويل أنها صفة ل (الذين أنعمت عليهم)