161 - وحدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: قال وكيع (أنعمت عليهم):
المسلمين.
162 - وحدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال عبد الرحمن بن زيد في قول الله: (صراط الذين أنعمت عليهم) قال: النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه.
قال أبو جعفر: وفي هذه الآية دليل واضح على أن طاعة الله جل ثناؤه لا ينالها المطيعون إلا بإنعام الله بها عليهم وتوفيقه إياهم لها. أولا يسمعونه يقول: (صراط الذين أنعمت عليهم) فأضاف كل ما كان منهم من اهتداء وطاعة وعبادة إلى أنه إنعام منه عليهم؟
فإن قال قائل: وأين تمام هذا الخبر، وقد علمت أن قول القائل لاخر: أنعمت عليك، مقتضى الخبر عما أنعم به عليه، فأين ذلك الخبر في قوله: (صراط الذين أنعمت عليهم) وما تلك النعمة التي أنعمها عليهم؟ قيل له: قد قدمنا البيان فيما مضى من كتابنا هذا عن اجتزاء العرب في منطقها ببعض من بعض إذا كان البعض الظاهر دالا على البعض الباطن وكافيا منه، فقوله: (صراط الذين أنعمت عليهم) من ذلك، لان أمر الله جل ثناؤه عباده بمسألته المعونة وطلبهم منه الهداية للصراط المستقيم لما كان متقدما قوله: (صراط الذين أنعمت عليهم) الذي هو إبانة عن الصراط المستقيم، وإبدال منه، كان معلوما أن النعمة التي أنعم الله بها على من أمرنا بمسألته الهداية لطريقهم هو المنهاج القويم والصراط المستقيم الذي قد قدمنا البيان عن تأويله آنفا، فكان ظاهر ما ظهر من ذلك مع قرب تجاور الكلمتين مغنيا عن تكراره كما قال نابغة بني ذبيان:
كأنك من جمال بني أقيش * يقعقع خلف رجليه بشن (1) يريد كأنك من جمال بني أقيس جمل يقعقع خلف رجليه بشن، فاكتفى بما ظهر من ذكر الجمال الدال على المحذوف من إظهار ما حذف. وكما قال الفرزدق بن غالب:
ترى أرباقهم متقلديها * إذا صدئ الحديد على الكماة (2) يريد: متقلديها هم، فحذف " هم " إذ كان الظاهر من قوله: " أرباقهم " دالا عليها.