انما يكون لوصية الموصي، فأما أمر الله بالوصية فلا يقدر هو ولا غيره أن يبدله.
قال الرماني: وهذا باطل، لان ذكر الله للوصية انما هو لوصية الموصي فكأنه قيل كتب عليكم وصية مفروضة عليكم، فالهاء تعود إلى الوصية المفروضة التي يفعلها الموصي.
وقوله " فمن بدله " فالتبديل هو تغيير الشئ عن الحق فيه، والبدل هو وضع شئ مكان آخر.
ومن أوصى وصية في ضرار فبدلها الوصي لم يأثم بذلك. قال ابن عباس من أوصى في ضرار لم تجز وصيته، لقوله " غير مضار ".
والوصي إذا بدل الوصية لم ينقص من أجر الموصي شئ كما لو لم يبدلها لأنه لا يجازى أحد على عمل غيره، لكن يجوز ان يلحقه منافع الدعاء والاحسان الواصل إلى الموصى له على غير وجه الاجر له.
وفي الآية دلالة على بطلان قول من يقول إن الوصي أو الوارث إذا لم يقض دين الميت فإنه يؤخذ به في قبره أو في الآخرة، إذ لا اثم عليه في تبديل غيره فأما ان قضى عنه من غير أن أوصى به فان الله تعالى يتفضل باسقاط العقاب عنه إن شاء الله.
ثم قال تعالى " فمن خاف من موص جنفا أو اثما فأصلح بينهم فلا اثم عليه " (1 لما حذر في الآية الأولى الوصي من تبديل أمر الوصية وأوعده أن يجاوز ما أمر به أعقب ذلك بما للوصي أن يفعله فيما جعل إليه من الوصية، لان الأولى كالعموم وهذا تخصيص له، فكأنه قال ليس للوصي أن يبدل أمر الوصية بعد سماعه الا أن يخاف من الموصي أنه أمر بغير المعروف مخالفا لأمر الله، فحينئذ للوصي أن يبدل ويصلح لأنه رد إلى أمر الله.