والآية تدل على صحة اشتراء السلف، وصحته بيع النسيئة بشرط تعيين أجلهما.
ولابد من حضور الثمن والمثمن، ولا يجوز تأخير الثمن عن وقت وجوبه لزيادة فيه، لأنه ربا على ما ذكرناه. [ولا بأس بتعجيله بنقصان شئ منه، لقوله تعالى " فلا جناح عليهما أن يصلحا "] (1.
(فصل) وقوله تعالى " وأحل الله البيع " عام في كل بيع شرعي.
ثم اعلم أن البيع هو انتقال عين مملوكة من شخص إلى غيره بعوض مقدر على وجه التراضي على ما يقتضيه الشرع.
وهو على ثلاثة أضرب: بيع عين مرئية، وبيع موصوف في الذمة، وبيع خيار الرؤية.
فأما بيع الأعيان المرئية: فهو أن يبيع انسان عبدا حاضرا أو ثوبا حاضرا أو عينا من الأعيان حاضرة فيشاهد البائع والمشتري ذلك، فهذا بيع صحيح بلا خلاف.
وأما بيع الموصوف في الذمة: فهو أن يسلمه في شئ موصوف إلى أجل معلوم ويذكر الصفات المقصودة، فهذا أيضا صحيح بلا خلاف.
واما بيع خيار الرؤية: فهو بيع الأعيان الغائبة، وهو أن يبتاع شيئا لم يره مثل أن يقول " بعتك هذا الثواب الذي في كمي " أو " الثوب الذي في الصندوق " وما أشبه ذلك، فيذكر جنس المبيع فيتميز من غير جنسه ويذكر الصفة. ولا فرق بين أن يكون البائع رآه والمشتري لم يره أو يكون المشتري رآه والبائع لم