ثم فسر الآية فقال " جنتان " أي هي جنتان من عن يمين الوادي وشماله.
ثم قال " كلوا من رزق ربكم " المراد به الإباحة وإن كان لفظه لفظ الامر " بلدة طيبة " ليس فيها سبخة، فأعرضوا عن ذلك فلم يشكروا الله، فجازاهم تعالى على ذلك بأن سلبهم نعمة كانت بها، وأرسل عليهم سيل العرم، وقد كانت تجتمع مياه وسيول في هذا الوادي وسدوه بالحجارة والقاربين الجبلين فجعلوا له أبوابا يأخذون الماء منه بمقدار الحاجة ما شاؤوا، فلما تركوا أمر الله بعث عليهم جرذا فنقبته فأغرق عليهم جنتهم وأفسد أرضهم.
ثم قال " وبدلناهم بجنتيهم جنتين " وانما سماهما بعد ذلك أيضا جنتين ازدواجا للكلام " ذواتي أكل خمط " فالاكل جناء الثمر الذي يؤكل، والخمط شجر له ثمر مر.
ثم " ذلك جزاؤهم بما كفروا ". ثم من الله تعالى عليهم بما يذكر بعد فظهر فيما بينهم المحاسدة فكان كما قال " فجعلناهم أحاديث " أي أهلكناهم وألهمنا الناس أحاديثهم ليعتبروا بها.
(باب المكاسب المباحة) قال أبو عبد الله عليه السلام: ان قوما من الصحابة لما نزل " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب " (1 أغلقوا الأبواب وأقبلوا على العبادة وقالوا قد كفينا، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله فأرسل إليهم فقال:
ما حملكم على ما صنعتم؟ فقالوا: يا رسول الله تكفل الله لنا بأرزاقنا فأقبلنا على العبادة. فقال عليه السلام: انه من فعل ذلك لم يستجب الله له، عليكم بالطلب (2