نسخها كان ذلك دعوى باطلة ونحن نخالف في ذلك، وقد خالف في نسخها طاوس، فإنه خصها بالكافرين لمكان الخبر ولم يحملها على النسخ، وقد قال أبو مسلم محمد بن بحر ان هذه الآية مجملة وآية المواريث مفصلة وليست نسخا، فمع هذا الخلاف كيف يدعى الاجماع على نسخها.
ومن ادعى نسخها بقوله عليه السلام " لا وصية لوارث " (1 فقد أبعد، لان هذا أولا خبر واحد لا يجوز نسخ القرآن به اجماعا، ولو سلمنا الخبر لجاز أن نحمله على أنه لا وصية لوارث فيما زاد على الثلث، لأنا لو خلينا وظاهر الآية لاجزنا الوصية بجميع ما يملك للوالدين والأقربين (2.
وأما من قال إن الآية منسوخة بأنه للوارث، فقوله أيضا بعيد من الصواب لان الشئ انما ينسخ غيره إذا لم يكن الجمع بينهما، فأما إذا لم يكن بينهما تناف ولا تضاد بل يمكن الجمع بينهما فلا يجب حمل الآية على النسخ، ولا تنافى بين ذكر ما فرض الله للوالدين وغيرهما من الميراث وبين الامر للوصية لهم على جهة الخصوص، فلم يجب حمل الآية على النسخ.
وقول من قال حصول الاجماع على أن الوصية ليست فرضا يدل على أنها منسوخة. باطل أيضا، لان اجماعهم على أنها لا تفيد الفرض لا يمنع من كونها مندوبا إليها ومرغبا فيها، ولأجل ذلك كانت الوصية للأقربين الذين ليسوا بوارثين ثابتة بالآية ولم يقل أحد انها منسوخة في حيزهم.
ومن قال إن النسخ في الآية ما يتعلق بالوالدين - وهو قول الحسن - فقد قال قولا ينافي ما قاله مدعو نسخ الآية على كل حال، ومع ذلك فليس الامر على ما قال، لأنه لا دليل على دعواه.