وأما " ما لك لا تفعل " فحال يرجع إليه، والمعنى أي شئ لكم في أن لا تأكلوا.
وقيل " ما منعكم ان تأكلوا " لان " مالك ان تفعل " و " مالك لا تفعل " بمعنى.
واختار الزجاج الأول.
" وقد فصل لكم ما حرم عليكم " يعني ما ذكره في مواضع من قوله " حرمت عليكم الميتة " الآية وغيرها.
" الا ما اضطررتم إليه " معناه الا إذا خفتم على نفوسكم الهلاك من الجوع وترك التناول، فحينئذ يجوز لكم تناول ما حرمه الله في قوله " حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ".
واختلفوا في مقدار ما يسوغ تناوله حينئذ له: فعندنا لا يجوز أن يتناول الا ما يمسك الرمق، ومن الناس من قال يجوز له أن يشبع منه إذا اضطر إليه وان يحمل معه منها حتى يجد ما يأكل.
قال: وفي الآية دلالة على أن ما يكره عليه من هذه الأجناس يجوز أكله لان المكره يخاف على نفسه مثل المضطر.
(فصل) وقال تعالى " قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه الا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه فان ربك غفور رحيم " (1.
أمر الله نبيه عليه السلام ان يقول لهؤلاء الكفار انه لا يجد فيما أوحى الله إليه شيئا محرما الا هذه الثلاثة. وقيل: انه خص هذه الأشياء الثلاثة بذكر التحريم مع أن غيرها محرم مما ذكره تعالى في المائدة كالمنخنقة والموقوذة