(فصل) ومما يقتضيه الآيات أن المرأة إذا قتلت رجلا واختار أولياؤه القود فليس لهم الا نفسها، فان قتل الرجل امرأة عمدا وأراد أولياؤها قتله كان لهم ذلك إذا ردوا نصف دية الرجل.
وإذا قتل المسلم ذميا عمدا وجب عليه ديته ولا يجب فيه القود، وكذلك إذا قتل حر عبدا أو أمة لم يكن عليه قود وعليه الدية يعطى قيمتهما يوم قتلهما فان زادت القيمة على دية الحر والحرة رد إليها.
فان قتل عبد حرا عمدا كان عليه القتل ان أراد أولياء المقتول ذلك، فان طلبوا الدية كان على مولاه الدية كاملة أو تسليم العبد إليهم ان شاؤوا استرقوه وان شاؤوا قتلوه.
فإذا قتل جماعة واحدا فان أولياء الدم مخيرون بين أمور ثلاثة: أحدها أن يقتلوا القاتلين كلهم ويؤدوا فضل ما بين دياتهم ودية المقتول إلى أولياء المقتولين. والثاني أن يتخيروا واحدا منهم فيقتلوه ويؤدوا المستبقون ديته إلى أولياء صاحبهم بحساب أقساطهم من الدية. الثالث ان اختار أولياء المقتول أخذ الدية كانت على القاتلين بحسب عددهم، والدليل على صحته اجماع الطائفة، ولان ما ذكرناه أشبه بالعدل.
والذي يدل على الفصل الأول - زائدا على الاجماع - قوله تعالى " ولكم في القصاص حياة "، ومعنى هذا أن القاتل إذا علم أنه ان قتل قتل كف عن القتل وكان ذلك أزجر له وكان داعيا إلى حياته وحياة من هم بقتله، فلو أسقطنا القود في حال الاشتراك سقط هذا المعنى المقصود بالآية، فكان من أراد قتل غيره من غير أن يقتل به شارك غيره في قتله، فسقط القود عنهما.