الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه " (1، أخبر الله تعالى أن هذه الأشياء رجس من عمل الشيطان ثم أمرنا باجتنابها بأن قال " فاجتنبوه " أي كونوا على جانب منها، أي في ناحية.
ففي الآية دلالة على تحريم الخمر وعلى تحريم هذه الأشياء من أربعة أوجه:
أحدها: أنه وصفها بأنها رجس، والرجس والنجس بلا خلاف محرم.
الثاني: نسبها إلى عمل الشيطان، وذلك لا يكون الا محرما.
الثالث: انه تعالى أمرنا باجتنابه، والامر يقتضي الايجاب شرعا.
الرابع: انه جعل الفوز والفلاح في اجتنابه.
والهاء في قوله " فاجتنبوه " راجعة إلى عمل الشيطان.
(فصل) ثم قال تعالى " انما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون " (2. قيل هل ان ههنا مع ما بعدها بمنزلة الامر أي انتهوا وسبب نزول هذه الآية أن سعد بن أبي وقاص لاقى رجلا من الأنصار وقد كانا شربا الخمر فضربه بلحي جمل (3.
وقيل: انه لما نزلت قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى " (4 قال رجل: اللهم بين لنا في هذه الخمر بيانا شافيا، فنزلت هذه الآية.