(باب) (فيما يحتاج إليه الناظر في هذا الكتاب) اعلم أن القرآن على ثلاثة أقسام مما استدللنا به:
أحدها: ما هو مجمل لا ينبئ الظاهر عن المراد به تفصيلا، مثل قوله تعالى " أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " (1 وقوله " ولله على الناس حج البيت " (2 وقوله " في أموالهم حق معلوم " (3 وما أشبه ذلك، فان تفصيل أعداد الصلاة وعدد ركعاتها وتفصيل مناسك الحج وشروطه ومقادير النصاب في الزكاة لا يمكن استخراجه الا ببيان النبي عليه السلام ووحي من جهة الله تعالى، فتكلف القول في ذلك خطأ وممنوع منه. ويمكن أن تكون الاخبار متناولة له، قال الله تعالى وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليك " (4.
وثانيها: ما كان لفظه مشتركا بين معنيين فما زاد عليهما، ويمكن أن يكون كل واحد منهما مرادا، فإنه لا ينبغي أن يقدم أحد فيقول " هذا مراد الله منه " الا بقول معصوم عليه السلام، بل ينبغي أن يقول: ان الظاهر يحتمل الأمور وكل واحد يجوز أن يكون مرادا على التفصيل. ومتى كان اللفظ المشترك بين شيئين أو ما زاد عليهما ودل الدليل على أنه لا يجوز أن يريد الا وجها واحدا جاز أن يقال إنه المراد.
وثالثها: يكون ظاهره مطابقا لمعناه، فكل من عرف اللغة التي خوطب بها