كراهية من بعض. ويستدل على ذلك بقوله " قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه " الآية (1.
وحرم سائر الفقهاء لحوم الحمر الأهلية. واحتجوا عليه بقوله تعالى " والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة " (2 وانه تعالى أخبر انها للركوب والزينة لا للاكل. والجواب لهم: انها وان كانت للركوب الزينة فلا يمتنع ان يكون لغير ذلك أيضا. ألا ترى قول القائل " أعطيتك هذا الثوب لتلبسه " فلا يمنعه من جواز بيعه أو هبته والانتفاع به من وجوه شتى. ولان المقصود بالخيل والحمير الركوب والزينة ولى اكل لحومها مقصودا منها. ثم إنه لا يمنع من الحمل على الحمير والخيل وان لم يذكر الحمل انما خص الركوب والزينة بالذكر.
وأكثر الفقهاء يجيزون أكل لحوم الخيل ولا يعملون بمضمون الآية. ذكر الركوب والزينة خاصة، وقد رووا عن ابن عباس انما نهى عن لحوم الحمير كيلا يقل الظهر، وذلك النهي محمول على الكراهة للقرينة.
(باب) (ما حلل من الميتة وما حرم من المذكى) اعلم أن العمل بتحليل ذلك أو تحريمه هو السمع وليس للعقل فيه مجال، فان وردت العبارة الشرعية بتحريم ماله صفة المباح في العقل امتنع منه، وان أباحت الشريعة ما كان محظورا قيل به. وقد نطق الكتاب بتحريم الميتة، قال الله تعالى " حرمت عليكم الميتة " وأطلقت الأمة القول بتحريم الميتة ثم أجمعت على أن اطلاق قولها بالتحريم وما ورد به نص الكتاب مخصوص غير محمول على عمومه وشموله وان اختلفوا فيما هو مباح منها.