والطيب قد يكون مستلذا، وقد اطلق في موضع آخر فقال " ومما رزقناهم ينفقون " (1.
ثم اعلم أن الطيب يقع على الحلال كقوله " يا أيها الرسل كلوا من الطيبات " (2، ويقع على الطاهر كقوله تعالى " فتيمموا صعيدا طيبا " (3، ويقع على مالا أذى فيه كما يقال زمان طيب ومكان طيب للذي لا حر فيه ولا برد، ويقع على ما يستطاب من المأكول يقال هذا طعام طيب لما تستطيبه النفس ولا تنفر منه.
(فصل) ثم قال تعالى " اليوم أحل لكم الطيبات " (4 أي ما تستطيبونه ولا تستخبثونه فردهم إلى عادتهم. ولا يمنع ان يقال المراد به مالا اذى فيه من المباح الذي ليس بمحرم، فكأنهم لما سألوه عن الحلال فقال هو مالا يستحق المدح والذم بتناوله، وذلك عام في جميع المباحات سواء علمت كذلك عقلا أو شرعا.
ومن اعتبر العرف والعادة اعتبر عرف أهل الترف والغنى المكنة الذين كانوا في القرى والأمصار على عهد النبي صلى الله عليه وآله حال الاخبار دون من كان من أهل البوادي من جفاة العرب.
فإذا قيل: عادتهم مختلفة. قلنا: اعتبرنا العام الشائع دون الشاذ النادر.
وقوله تعالى " وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم " مبتدأ وخبر، وذلك يخص عند أكثر أصحابنا بالحبوب لأنها المباحة من أطعمة أهل الكتاب، فأما ذبائحهم وكل مائع يباشرونه بأيديهم فإنه ينجس ولا يحل استعماله.
وتذكيتهم لا تصح، لان من شرط صحتها التسمية لقوله تعالى " ولا تأكلوا