والغنية (1) (فإن ادعى ذهابه وكذبه الجاني عقيب الجناية امتحن بتخير الأشياء الطيبة والكريهة و) تقريب (الروائح الحادة) إليه من خلفه وهو غافل، فإن هش للطيبة ويكره للمنتنة كذب (و) إلا صدق بعد أن (يستظهر عليه بعد ذلك بالقسامة ويقضى له).
(وروي) عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) (2) (أنه يقرب منه الحراق) كغراب ورمان ما يقع فيه النار عند القدح من خرقة أو قطن (فإن دمعت عيناه ورد أنفه فهو كاذب، فيحلف الجاني، وإن بقي) على حاله (فهو صادق) وحكي عليه الإجماع في الخلاف (3) ولابد من الاستظهار بالأيمان مع ذلك.
(ولو ادعى النقص) قدم قوله كما في المبسوط (4) و (استظهر بالأيمان، إذ لا طريق إلى البينة والامتحان) وحصول اللوث بالجناية (ويقضي له الحاكم بالحكومة) على ما يراه، لعدم التقدير شرعا. ونسبه المحقق إلى القيل (5).
ولعله لأصل البراءة، ومخالفة حلف المدعي للأصل، فلا يقال به إلا عند اليقين به.
قلت: ولكن حلف الجاني هنا مشكل، إذ لا طريق له إلى العلم بالحال فتعين تقديم قول المجني عليه. ولا بأس بالامتحان هنا قبل تحليف القسامة بمثل الامتحان في السمع والبصر، بأن يقرب إليه ذو رائحة، ثم يبعد عنه إلى أن يقول: لا أدرك رائحته في جهتين أو جهات إلى آخر ما مر، لكن لم يرد به نص ولا قال به أحد.
(ولو) زال و (حكم أهل المعرفة بعوده) في مدة معينة (فعاد فالحكومة، وإلا الدية. وإن مات قبل عوده فالدية) ويحتمل الحكومة كما مر.
(ولو حكموا باليأس من عوده فأخذت الدية منه ثم عاد لم تستعد، لأنه هبة من الله تعالى) كما مر غير مرة، وأطلق في المبسوط الاستعادة (6). وفي الخلاف عدمها (7).