بالسجود، فسجد سجدتين، ثم قام فركع أيضا ثلاث ركعات ليس فيها ركعة إلا التي قبلها أطول من التي بعدها، وركوعه نحوا من سجوده، ثم تأخر، وتأخرت الصفوف خلفه، حتى انتهينا (وفي لفظ: حتى انتهى) إلى النساء، ثم تقدم، وتقدم الناس معه، حتى قام في مقامه، فانصرف حين انصرف وقد آضت الشمس، فقال: يا أيها الناس! إنما الشمس والقمر آيتان من آيات الله، وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس (وفي لفظ: لموت بشر)، فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلوا حتى تنجلي، ما من شئ توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه، لقد جئ بالنار، وذلكم حين رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها، وحتى رأيت فيها صاحب المحجن يجر قصبه في النار، كان يسرق الحاج بمحجنه، فإذا فطن له قال: إنما تعلق بمحجني! وإن غفل عنه ذهب به! وحتى رأيت فيها صاحبة الهرة التي ربطتها، فلم تطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت جوعا، ثم جئ بالجنة، وذلكم حين رأيتموني تقدمت، حتى قمت في مقامي، ولقد مددت يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه، ثم بدا لي أن لا أفعل، فما من شئ توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه ".
أخرجه مسلم (3 / 31 - 32) وأبو عوانة (2 / 371 - 372) وأبو داود (1178) والبيهقي (3 / 325 - 326) وأحمد! 3 / 317 - 318) إلى قوله " حتى تنجلي " كلهم من طريق عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء - وهو ابن أبي رباح عنه.
وعبد الملك هذا فيه كلام من قبل حفظه، وقد رواه هشام الدستوائي عن أبي الزبير عن جابر نحوه وفيه فكانت (أربع ركعات وأربع سجدات " فخالفه في قوله: " ست ركعات " وهو الصواب.
أخرج مسلم وأبو عوانة في صحيحيهما.
وقد اختلفت الأحاديث في عدد ركوعات صلاة الكسوف اختلافا كثيرا، فأقل ما روى ركوع واحد في كل ركعة من ركعتين، وأكثر ما قيل خمسة ركوعات، والصواب أنه ركوعان في كل ركعة كما في حديث أبي الزبير عن