كان مراد السائل الدم الكثير لكان الأنسب تقييده بالكثرة وبالجملة ارتكاب التأويل في غير الصحيح أولي خصوصا إذا كان مرجوحا بسبب الوحدة والجمع بين الاخبار بحمل الأخبار السابقة على الاستحباب وحمل هذه على الجواز ممكن أيضا ولعل الأول أولي وقوفا على ظاهر الأخبار الكثيرة مع صحة أكثرها وعلى كل تقدير فمستند التفصيل المذكور في كلام المصنف وكثير من الأصحاب غير ظاهر وعندي ان إعادة الصلاة في سعة الوقت مطلقا أحوط الثانية ان لا يعلم السبق والظاهر أنه يجب طرح النجس وإزالة النجاسة واتمام الصلاة إذا لم يتضمن المبطل الأصل السالم عن المعارض لظهور الروايات المتضمنة للاستيناف إذا كانت النجاسة متقدمة على الصلاة وعلى الاستيناف إذا تضمنت الإزالة المبطل (العمومات) الدالة على بطلان الصلاة بفعل المبطل وصحيحة محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يأخذه الرعاف والقيئ في الصلاة كيف يصنع قال ينفتل فيغسل انفه ويعود في صلاته وان تكلم فليعد صلاته وليس عليه وضوء وصحيحة إسماعيل بن عبد الخالق قال سألته عن الرجل يكون في جماعة من القوم يصلي بهم المكتوبة فيعرض له رعاف كيف يصنع قال يخرج فان وجد ماء قبل ان يتكلم فليغسل الرعاف ثم ليعد فليبن على صلاته ومقتضى هاتين الروايتين بناء مع عدم الكلام مطلقا والقائل به من الأصحاب غير معلوم وتؤيد ما ذكرناه صحيحة معوية بن وهب قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرعاف أينقض الوضوء قال لو أن رجلا رعف في صلاته وكان عنده ماء أو من يشير إليه بماء فتناوله فقال برأسه فغسله فليبن على صلاته لا يقطعها وفي رواية علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام ورواية أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام دلالة على أن الرعاف ينقض من غير تفصيل وحملها الشيخ على رعاف يحتاج ازالته إلى فعل المبطل وهو حسن جمعا بين الاخبار واعلم أن الشارح الفاضل جعل الحكم المذكور مطلقا سواء كان في صورة السبق أم لا مبنيا على ما اختاره المصنف من عدم إعادة الجاهل في الوقت وهذا البناء لو سلم صحته لا يجرى في صورة (علمه) علم بالنجاسة قبل الدخول في الصلاة ثم نسيها وذكر في الأثناء فروع: الأول لو صلى ثم رأى النجاسة وشك هل كانت عليه في الصلاة أم لا فالصلاة ماضية قال المصنف في منتهى لا نعرف فيه خلافا بين أهل العلم عملا بالأصلين الصحة وعدم النجاسة ويمكن الاستدلال عليه بما دل على أن الشك بعد الفراغ من الصلاة غير ملتفت إليه كصحيحة زرارة الثاني لو وقعت عليه نجاسة وهو في الصلاة ثم زالت ولما يعلم ثم علم استمر على حاله قال في المعتبر وعلى القول الثاني يعني إعادة الجاهل في الوقت يستأنف وأنت خبير بما فيه الثالث لو علم بالنجاسة السابقة في أثناء الصلاة عند تضيق الوقت عن الإزالة والاستيناف فقد قطع الشهيد في البيان بوجوب الاستمرار ومال إليه في الذكرى موجها باستلزام القضاء المنفي واثبات القضاء لا يخلو عن اشكال مع عموم ما دل على الإعادة قيل الحق بناء هذه المسألة على أن ضيق الوقت عن إزالة النجاسة هل يقتضي انتفاء شرطيتها أم لا بمعنى انه يتعين عليه الصلاة مع النجاسة أو الاشتغال بالإزالة والقضاء وهي مسألة مشكلة من حيث اطلاق النصوص المتضمنة لإعادة الصلاة مع النجاسة المتناولة لهذه الصورة ومن أن وجوب الصلوات الخمس في الأوقات المعينة قطعي واشتراطها بإزالة النجاسة على هذا الوجه غير معلوم ولا يخفى ان القول بالصلاة مع النجاسة والقضاء بعد الإزالة هناك غير بعيد جمعا بين الأدلة لكن هيهنا مشكل لان عموم الأخبار السابقة يقتضي قطع الصلاة والإعادة فتدبر ولو نجس الثوب وليس له غيره صلى عريانا اختلف الأصحاب في ذلك فذهب الشيخ وجماعة منهم ابن البراج وابن إدريس على ما نقل عنهما إلى وجوب النزع والصلاة عاريا واختاره المحقق في الشرائع والمصنف في أكثر كتبه وذهب المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى والشهيدان وجماعة من المتأخرين إلى أن المصلي مخير بين الصلاة فيه وعاريا وزاد الشهيدان أفضلية الصلاة فيه وهو المنقول عن ابن الجنيد من المتقدمين حجة الشيخ اجماع الفرقة ذكره في الخلاف وبان النجاسة ممنوع من الصلاة فيها فمن أجاز الصلاة فيها فعليه الدلالة وبما رواه سماعة قال سألته عن رجل يكون في فلاة من الأرض ليس عليه الا ثوب واحد وأجنب فيه وليس عنده ماء كيف يصنع قال يتيمم ويصلي عريانا قاعدا ويؤمى وما رواه محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل اصابته جنابة وهو بالفلاة وليس الا ثوب واحد وأصاب ثوبه مني قال يتيمم ويطرح ثوبه ويجلس مجتمعا ويصلي فيؤمى وأجيب عن الأول بمنع ثبوت الاجماع وعن الثاني بالاخبار الدالة على تعين الصلاة فيه وعن الثالث بضعف السند للقطع ووجود زرعة وسماعة في الطريق وعن الرابع بضعف السند أيضا لان في طريق الرواية محمد بن عبد الحميد ولم يوثق صريحا حجة القول الآخر صحيحة محمد بن علي الحلبي انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون له الثوب الواحد فيه بول لا يقدر على غسله قال يصلي فيه وصحيحة الحلبي أيضا قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أجنب في ثوبه وليس معه غيره قال يصلي فيه فإذا وجد الماء غسله وصحيحة علي بن جعفر انه سال أخاه موسى بن جعفر عليه السلام عن رجل عريان وحضرت الصلاة فأصاب ثوبا نصفه دم أو كله أيصلي فيه أو يصلي عريانا فقال إن وجد ماء غسله وان لم يجد ماء صلى فيه ولم يصل عريانا وصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يجنب في ثوب ليس معه غيره ولا يقدر على غسله قال يصلي فيه وطريق الاحتجاج بها الجمع بينها وبين الأخبار السابقة بالتخيير وأيده بعضهم ينقل المصنف في المنتهى الاجماع على جواز الصلاة عاريا واقتصر البعض على التمسك بهذا الوجه في العدول عن ظاهر الأخبار المذكورة وأجاب الشيخ رحمه الله عن هذه الأخبار بحمل الصلاة على صلاة الجنازة أو بان المراد الصلاة فيه إذا لم يتمكن من نزعه وحمل خبر علي بن جعفر على أن المراد بالدم الحاصل على الثوب ما يجوز الصلاة فيه كدم السمك ولا يخفى بعد هذه المحامل والجمع بالتخيير غير بعيد وقد يتأمل في ذلك بناء على أن الأخبار الدالة على الصلاة عاريا لم يبلغ حد الصحة والاجماع لم يثبت ويمكن ان يقال ضعف الخبرين منجبر بالشهرة بين الأصحاب والاجماع المنقول وعلى كل تقدير فالظاهر أن الصلاة في الثوب أولي فان تعذر للبرد وغيره صلى فيه ولا يعيد هذا هو المشهور وقال الشيخ بوجوب الإعادة استنادا إلى موثقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن رجل ليس عليه الا ثوب ولا تحل له الصلاة فيه وليس يجد ماء يغسله كيف يصنع قال يتيمم ويصلى فإذا أصاب ماء غسله وأعاد الصلاة وحملها في الاستبصار على حال الضرورة ولا دلالة في الخبر عليه وحملها في التهذيب على ايجاب إعادة الصلاة مع الثوب فلو صلى عاريا لم تجب عليه الإعادة ولا يخفى ان سند الرواية لم يبلغ حد الصحة فحمل الرواية على الاستحباب غير بعيد فروع: الأول المنقول عن بعض المتأخرين ان لكل من البدن والثوب بالنظر إلى تعذر الإزالة حكما برأسه فإذا تعددت النجاسة فيهما واختص التعذر بأحدهما وجب الإزالة عن الأخر ولو اختصت بأحدهما وكانت متفرقة وأمكن إزالة بعضها وجب وبتقدير اجتماعها فإن كانت دما وأمكن تقليله بحيث ينقص عن مقدار الدرهم وجب أيضا والا ففي الوجوب نظر ولا يخفى ان التفرقة التي ذكرها بين المتفرق والمجتمع محل تأمل الثاني قال المصنف في النهاية لو كان في ثوبه أو على جسده مني أو دم حيض أو بول وهناك ما لاقاه دم أقل من سعة الدرهم احتمل وجوب غسله به لأنه أزال المانع من الدخول في الصلاة فكان واجبا كالطاهر قال ويحتمل العدم لبقاء حكم النجاسة المغلظة وان زالت العين و هذا الاحتمال أقرب إلى الصواب مما ذكره أولا الثالث ربما يفهم من كلام الفاضلين والشهيد حيث ذكروا وجوب مس المخرج بحجر ونحوه عند تعذر الإزالة محتجا بان الواجب إزالة العين والأثر فحيث تعذرت إزالة الأثر بقيت إزالة العين انهم يرون وجوب تخفيف مطلق النجاسة عند تعذر ازالتها وان ذلك بدل اضطراري للطهارة من النجاسات كبدلية التيمم ونقل عن بعضهم التصريح بالموافقة وتنظر فيه بعض المتأخرين بان وجوب إزالة العين والأثر حكم واحد مستفاد من دليل والامر بالمركب انما يقتضى الامر باجزائه على الاجتماع لا مطلقا وحينئذ فلابد في اثبات التكليف بجزء منها على الانفراد من دليل غير الامر بالمركب وهو مفقود في المتنازع بل ظاهر الاخبار المسوغة للصلاة مع النجاسة عند تعذر الإزالة نفي التكليف بأمر اخر سوى الإزالة باعتبار اطلاق الاذن من غير تعرض للتخفيف بوجه وما ورد في بعض الروايات من ذكر المسح للبول عن تعذر غسله لا يصلح شاهدا على العموم لان الوجه فيه منع النجاسة من التعدي إلى غير محلها من الثوب أو البدن وهو أمر اخر غير التخفيف انتهى وهو كلام حبل متين (الحبل المتين) وتطهر الشمس ما تجففه من البول وشبهه من النجاسات التي لا جرم لها بان تكون مائية أو كان لها جرم لكن أزيل بغير المطهر وبقى لها رطوبة وليس تطهيرها للبول وشبهه مطلقا بل الكائنة في الأرض والبواري والحضر ومالا ينقل
(١٦٩)