الوقت عند العلم بالحكم لكن لا يلزم منه عدم وجودها فإذا وجدت لزم المشروط وهو ايجاب التيمم وأيضا ليس المراد الإرادة المتصلة بفعل الصلاة بشرعية الطهارة في أول الوقت فمن أراد الصلاة في اخره فإذا أراد الصلاة المتأخرة عن زمان الإرادة والحال انه لا مانع منه فقد تحقق الشرط هذا كله على تقدير ان لا يكون قوله تعالى وان كنتم مرضى عطفا على قوله إذا أقمتم كما هو الظاهر وعلى التقدير الأخر يصير الاستدلال أقوى لكنه يلزم وجوب التيمم وان لم يرد الغاية قال السيد وهذا لا يقوله أحد وقوله تعالى لا تقربوا الصلاة إلى قوله تعالى فلم تجدوا ماء وجه الاستدلال ما سبق ولا يجرى هنا جواب السيد وقوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل فان ذلك عام والأصل عدم التخصيص وعموم الأخبار الدالة على جواز الصلاة في سعة الوقت وقول الصادق عليه السلام هو بمنزلة الماء وقوله إن الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا وقوله فقد فعل أحد الطهورين وتدل عليه صحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام فان أصاب الماء وقد صلى بتيمم وهو في وقت قال تمت كصلاته ولا إعادة عليه وأولها الشيخ بوجهين أحدهما ان المراد انه صلى في الوقت فيكون الظرف قيدا للصلاة لا لإصابة الماء وثانيهما ان المراد انه شرع في الصلاة ولم يتمها قال الشهيد انهما من التأويلات البعيدة وقد يؤول بوجهين اخريين أحدهما ان المراد به من ظن ضيق الوقت فشرع في الصلاة ثم انكشف فساد ظنه وثانيهما ان المراد به من كان جاهلا بوجوب التضييق فلعله يكون الجاهل معذورا في هذا الحكم والكل عدول عن الظاهر لا يصح ارتكابه في الخبر الا لدليل أقوى منه ولو قالوا في تأويل الخبر ان المراد من تيمم للصلاة في اخر الوقت وصلى ثم دخل وقت صلاة أخرى فصلى في سعة الوقت ثم وجد الماء وهو في وقت كان أقرب من التأويلات المذكورة ويدل عليه أيضا موثقة يعقوب بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل تيمم وصلى ثم أصاب الماء وهو في وقت قال قد مضت صلاته ولتطهر وتؤيد ما ذكرناه رواية معوية ميسرة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل في السفر لا يجد الماء ثم صلى ثم اتى الماء وعليه شئ من الوقت أيمضي على صلاته أم يتوضأ ويعيد الصلاة قال يمضى صلاته فان رب الماء رب التراب ولا يخفى ان معوية بن ميسرة لم ينص الأصحاب بجرحه ولا توثيقه الا انه يروى عنه ابن أبي عمير وقد نص الشيخ في العدة على أن ابن أبي عمير لا يروى الا عن الثقات وهذا مما يغطى لهذا الخبر قوة وتؤيده أيضا رواية أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل تيمم وصلى ثم بلغ الماء قبل ان يخرج الوقت فقال ليس عليه إعادة الصلاة وفى طريق هذا الخبر عثمن بن عيسى وهو واقفي الا انه نقل الكشي قولا بأنه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم وهذا يوجب اعتباره في الجملة وعلى كل تقدير يصلح الخبر للتأييد وأول الشيخ تلك الأخبار الثلاثة أيضا بالوجهين السابقين ولا يخفى بعدهما فيها خصوصا في الأخيرين والتأويلان الآخران أيضا على ما فيهما من البعد عن الظاهر يجريان فيها وكذا التأويل الذي ذكرنا لكنه فيها أبعد من السابق وتؤيده أيضا رواية علي بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له أتيمم وأصلي ثم أجد الماء وقد بقى على وقت فقال لا تعد الصلاة فان رب الماء هو رب الصعيد وهذه الرواية وإن كانت ضعيفة لكن لا تخلو عن تأييد ما وتدل على ما ذكرناه صحيحة يعقوب بن يقطين مع علوا اسنادها قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل تيمم فصل فأصاب بعد صلاته ماء أيتوضأ ويعيد الصلاة أم يجوز صلاته قال إذا وجد الماء قبل ان يمضى الوقت توضأ وأعاد فان مضى الوقت فلا إعادة عليه وهذا الخبر يدل على ما ذكرناه من وجوه منها ان مفهوم الشرطية الأولى انه إذا لم يجد الماء قبل مضى فلا إعادة عليه وهذا أعم من أن يبقى شئ من الوقت بعد الصلاة أم لا ومنها ان مقتضى هذه الشرطية ان عليه الإعادة وانما هي وجدان الماء قبل مضى الوقت ولو كان التأخير واجبا كانت علة الإعادة عدم التأخير ومنها ان الظاهر أن المراد من الشرطية الأخيرة انه ان مضى الوقت ولم يجد الماء فلا إعادة عليه وهذا أعم من أن يبقى شئ من الوقت أم لا والعجب أن المصنف استدل بهذا الخبر على وجوب التأخير عند امكان وجود الماء ومما يؤيد ما ذكرناه عموم الأخبار الدالة على تعليق ايجاب التيمم بحصول الجنابة أو بهما مع فقد الماء كمرسلة ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال يؤمم المجدور والكسير إذا اصابتهما الجنابة وصحيحة عبد الله بن أبي يعفور وعنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أتيت البئر وأنت جنب فلم تجد دلو أو لا شيئا تغترف به فتيمم بالصعيد وصحيحة عبيد الله ابن علي الحلبي سال أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل إذا أجنب ولم يجد الماء قال يتيمم بالصعيد فإذا وجد الماء فليغتسل ولا يعيد الصلاة وصحيحة عبد الله ابن سنان قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا لم يجد الرجل طهورا وكان جنبا فليمسح من الأرض وليصل فإذا وجد ماء فليغتسل وقد أجزأته صلاته التي صلى وغير ذلك مما في معناها وتؤيده أيضا رواية داود الرقي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أكون في السفر وتحضر الصلاة وليس معي ماء ويقال ان الماء قريبا منا فاطلب الماء وانا في وقت يمينا وشمالا قال لا تطلب الماء ولكن تيمم الحديث ويؤيده أيضا صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم قلنا لأبي جعفر عليه السلام رجل لم يصب الماء وحضرت الصلاة فتيمم وصلى ركعتين ثم أصاب الماء أينقض الركعتين أو يقطعهما ويتوضأ ثم يصلى قال لا ولكن يمضى في صلاته فيتمها ولا ينقضها لمكان الماء لأنه دخلها وهو على طهر يتيمم ويؤيده أيضا ما في صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قلت فان أصاب الماء وقد دخل وقت الصلاة قال فلينصرف وليتوضأ ما لم يركع فإن كان قد ركع فليمض في صلاته فان التيمم أحد الطهورين فان الظاهر أن هذا التفصيل انما يصح إذا كانت الصلاة في سعة الوقت وفى معناها غيرها من الاخبار ويؤيده أيضا في الجملة عموم الأخبار الدالة على أن من تيمم يجزيه ذلك إلى أن يجد الماء ويؤيده أيضا ان التأخير إلى اخر الوقت عسر وحرج خصوصا في العشاء فيبعد ان يكون التكليف واجبا ومما ذكرنا يمكن استفادة الأدلة على نفى المذهب الأخير أيضا وان لم يدل عليه جميعه حجة المشهور وجوه الأول الاجماع نقله السيد والشيخ على ما نقل عنه وغيرهما الثاني حسنة زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت فإذا خاف ان يفوته الوقت فليتيمم وليصل في اخر الوقت ورواه أيضا زرارة عن أحدهما عليهما السلام بتبديل لفظة فليطلب بقوله فليمسك لكن في طريقه ضعف للقسم بن عروة الثالث صحيحة محمد بن مسلم قال سمعته يقول إذا لم تجد ماء وأردت التيمم فاخر التيمم إلى اخر الوقت فان فاتك الماء لم يفتك الأرض الرابع قول أبي عبد الله عليه السلام في صحيحة محمد بن حمران اعلم أنه ليس ينبغي لاحد ان يتيمم الا في اخر الوقت والجواب عن الأول بمنع الاجماع في موضع النزاع وعن الثاني بان مضمونها وجوب الطلب ما دام الوقت باقيا وهو غير معمول عند الأصحاب والقول به غير معلوم الا من المحقق فإنه يظهر منه ميل ما إليه وهذا مما يضعف الاحتجاج به فإنه لا يصلح معارضا للاخبار السابقة لعدم صحتها وقلتها بالنسبة إليها ومعارضتها لظاهر الكتاب فيجب حملها على الاستحباب أو تأول بتأويل اخر ومما يؤيد الحمل على الاستحباب صحيحة محمد بن حمران فان الظاهر من قوله ليس ينبغي الكراهة لا التحريم فان استعماله فيها أكثر كما قاله المحقق و غيره وعن الثالث بأنه قال سمعته والمسموع منه مجهول كذا ذكر المحقق وفيه نظر ولو سلم فيجب تأويلها بالحمل على الاستحباب لما ذكرنا من العلة على أن الامر بالطلب في الخبر الأول يؤذن بإمكان الحصول والا لكان عبثا فيدل على وجوب التأخير عند رجاء الحصول كما ذهب إليه ابن الجنيد لا مطلقا وكذا الكلام في الخبر الثاني فان قوله عليه السلام فان فاتك الماء لم تفتك الأرض يقتضى الشك في فوات الماء وعن الرابع بان الظاهر من الكلام المذكور الكراهة فهو بالدلالة على نقيض المطلوب أشبه ولهذا استدل به بعض الأفاضل على ما اخترنا من عدم المضايقة ولهم ان يحتجوا أيضا بقول أبي عبد الله عليه السلام في صحيحة عبد الله بن بكير فإذا تيمم الرجل فليكن في اخر الوقت فان فاته الماء فلن يفوته الأرض وجوابه يعلم مما ذكرنا احتج المصنف على وجوب التأخير مع امكان وجود الماء بوجوه الأول حسنة زرارة وصحيحة محمد بن مسلم السابقتان الثاني لو جاز التيمم في أول الوقت والصلاة به حينئذ لما وجب اعادتها بعد وجود الماء لان الامر للاجزاء فإذا جاز التيمم والصلاة به في أول الوقت كان ممتثلا للامر فخرج به عن العهدة فلم يجب عليه الإعادة والثاني باطل لصحيحة يعقوب بن يقطين وقد سلف ذكرها الثالث ان طلب الماء واجب للاجماع ولقوله تعالى فلم تجدوا ماء وعدم
(١٠٠)