نقل رواية الحسن التفليسي ومرسلة محمد بن علي عندي ان رواية التفليسي أرجح بتقدير ان لا يكون الماء لأحدهم لأنها متصله والعامل بها من الأصحاب كثير والاخرى مقطوعة ولو احتج بصحيحة عبد الرحمن كان أولي ولو كان الماء لغيرهم والتمس الأولى ولم يجوز لغيره أو أوصى للأولى أو نذر استحق الجنب دون غيره واستعمل غيره قهرا لم يجز إن كان المستعمل فيه الحي قطعا وإن كان هو الميت بنى على أن غسله هل هو طهارة حقيقية أو هو تنظيف كما نقل عن المعتبر أو إزالة نجاسة فعلى الأول يبطل الغسل وعلى الأخيرين يأثم المتولي ويجزى ولو دفع الموصى له أو المنذور هبة له إلى غيره فهل ينتقل منه إلى المدفوع إليه فيصح طهارته به أم لا فيه اشكال واختار المصنف في بعض نظائره الثاني ويمكن ترجيح الأول لان النهى في المعاملات لا يستلزم الفساد إما لو أوصى أو نذر لخصوص العمل فلا يصح دفعه ولا ينتقل إليه قطعا ولو كفى الماء للمحدث خاصة اختص به ويحتمل صرفه إلى أعضاء الجنب توقعا للباقي إذا كان ذلك مرجو الحصول في وقت الصلاة ولو قصر عنهما تعين الجنب لاشتراط الموالاة في الوضوء فلو استعمله وتعذر الاكمال تيمم ولو أمكن الجمع بان يتوضأ المحدث ثم يجمع الماء ويغتسل به الميت وجب بناء على جواز التطهير بالمستعمل في الحدث الأكبر قال الشهيد رحمه الله بعد نقل رواية الحسن فيه إشارة إلى عدم طهورية المستعمل والا لأمر بجمعه وفيه ان الرواية محمولة على الغالب من عدم امكان الجمع في مثل هذا الماء القليل الذي لا يكفي الا لأحدهم ولو كان الماء مما يكفي للجنب أو المحدثين فصاعدا فلم اطلع فيه على تصريح من الأصحاب ورواية أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوم كانوا في سفر فأصاب بعضهم جنابة وليس معهم من الماء الا ما يكفي الجنب لغسله أيتوضؤون هم هو أفضل أو يعطون الجنب فيغتسل وهم لا يتوضأون هم ويتيمم الجنب يقتضى ترجيح المحدثين ولو اجتمع المحدثين والميت فقيل الميت أولي لشدة حاجته الخبر والمرسل وفيه تأمل لضعف الاعتبار الذي ذكره واما الخبر فلم يكن معمولا في الأصل فكيف في الفرع ولو جامعهم ماس ميت أو ذات دم أو مزيل الطيب عن المحرم أو إذا اجتمع البعض مع البعض ففي الترجيح اشكال لفقد النص و التخيير حسن وللقرعة وجه قال في الذكرى لو قلنا بتوقف وطى الزوج على الغسل أمكن أولوية الحائض والنفساء بالنسبة إلى الجنب لقضائهما حق الله وحق الزوج وهذا التعليل على تقدير صحته مخصوص بذات الزوج الحاضر وما في حكمه وتقديم مزيل الخبث على غيره لا يخلو عن وجه لعدم البدل لإزالة الخبث لكن يجب تقييده بوجود التراب وما في حكمه والا لانعكس الحكم بصحة الصلاة مع النجاسة اضطرارا وعدم صحتها بدون الطهور والمضطر لعطش أولي من الجميع قطعا ولو أحدث المجنب المتيمم أعاد بدلا من الغسل وإن كان الحدث أصغر نقل المحقق في المعتبر اجماع العلماء كافة على أن التيمم لا يرفع الحدث وقيل يرفع واختلف في قائله فقيل هو أبو حنيفة وقيل هو مالك مع أن عبد البر من أصحاب الحديث منهم على أن التيمم لا يرفع الحدث واحتج عليه المحقق بان المتيمم تجب عليه الطهارة عند وجود الماء بحسب الحدث السابق فلو لم يكن الحدث السابق باقيا لكان وجوب الطهارة بوجود الماء إذ لا وجه غيره ووجود الماء ليس حدثا بالاجماع ولأنه لو كان حدثا لوجب استواء المتيممين في موجبه ضرورة استوائهم فيه لكن هذا باطل لان المحدث لا يغتسل والمجنب لا يتوضأ وبتسمية النبي صلى الله عليه وآله المتيمم جنبا كما يستفاد من بعض اخبار العامة إذا عرفت هذا فاعلم أن المجنب إذا تيمم بدلا من الغسل ثم أحدث حدثا أصغر ثم وجد ماء يكفي للوضوء فالمشهور ان الواجب عليه التيمم بدلا عن الغسل وكذا لو لم يجد ماء أصلا فإنه تيمم بدلا من الغسل لان الجنابة باقية لعدم ارتفاع الحدث بالتيمم وانما كان اثر التيمم الاستباحة فإذا زالت الاستباحة بسبب الحدث عاد المكلف إلى حالته الأولى فاحتيج إلى التيمم بدلا من الغسل واستدل عليه أيضا بقول أبى جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة ومتى أصبت الماء فعليك الغسل ان كنت جنبا واستدل عليه أيضا بصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في رجل أجنب في سفر ومعه قدر ما يتوضأ به قال يتيمم ولا يتوضأ به ونقل عن السيد المرتضى في شرح الرسالة انه يتوضأ لان حدثه الأول قد ارتفع وجاء ما يوجب الصغرى وقد وجد من الماء ما يكفي لها فيجب استعماله ولعل مراده من ارتفاع الحدث ارتفاعه إلى زمن التمكن من الغسل لا ارتفاعه مطلقا إذ الظاهر أنه لا خلاف في وجوب الغسل عند التمكن منه ويدل عليه صحيحة زرارة السابقة ويجئ على قوله وجوب التيمم بدلا من الوضوء إذا أحدث حدثا أصغر ولم يجد الماء أصلا وأجيب عنه بالمنع عن ارتفاع الحدث بل القدر المعلوم ارتفاعه إلى زمان وجدان الماء أو الحدث لا مطلقا وللاعتراض في أدلة القول الأول أيضا طريق لأنا قد حققنا سابقا انه لو أريد بالحدث الحالة المانعة من دخول الصلاة أمكن القول بأنه يرتفع بالتيمم إلى غاية معينة نعم أمكن النزاع في تسمية حدثا والامر فيه هين وحينئذ نقول الحدث الأكبر مستتبع لحالة هي المنع من الدخول في الصلاة إلى أن يتحقق الغسل والتيمم عند تعذره والحدث الأصغر مستتبع لحاله هي المنع من الدخول في الصلاة إلى أن يتحقق الوضوء أو التيمم أو الغسل في صورة مجامعته للحدث الأصغر واحدى الحالتين مغايرة للأخرى وقد يجتمعان وقد يفترقان إذا عرفت هذا فلقائل أن يقول التيمم رافع للحالة الأولى إلى غاية معينة هي التمكن من الغسل وعند حصول الحدث الأصغر تحصل الحالة الثانية لا انه ترجع الحالة الأولى ولا ريب في ارتفاع هذه الحالة بالوضوء فيجب الوضوء للتمكن منه لابد لنفى جواز ما ذكرنا من المقدمات من دليل واما صحيحة زرارة فغير دالة على المدعى بل انما يدل على وجوب الغسل عند التمكن منه وهو خلاف المدعى واما صحيحة محمد بن مسلم فغير دالة على نفى الوضوء بعد التيمم والكلام فيه قال في الذكرى بعد نقل كلام السيد يمكن ان يريد بارتفاع حدثه استباحة الصلاة وان الجنابة لم تبق مانعة فلا يثبت إلى مخالفة الاجماع واعترض عليه الشارح الفاضل ان هذه الإرادة لا تدفع الضعف لان الاستباحة إذا لم تستلزم الرفع فبطلانها بالحدث يوجب تعلق حكم الحدث الأول انتهى ولو أريد بالاستباحة زوال المنع الحاصل بالحدث الأكبر أمكن تصحيح كلامه فتدبر ويجوز التيمم مع وجود الماء للجنازة هذا الحكم ذكره الشيخ ونقل عليه الاجماع وقال ابن بابويه وفى خبر يتيمم لها ان أحب وقال ابن الجنيد ولا باس بالتيمم في المبصر للجنازة إذا خاف فوتها احتج الشيخ باجماع الفرقة وبما رواه زرعة عن سماعة قال سألته عن رجل مرت به جنازة وهو على غير طهر قال يضرب يديه على حائط فيتيمم قال المحقق وفيما ذكره الشيخ اشكال إما الاجماع فلا نعلمه كما علمه واما الرواية فضعيفة من وجهين أحدهما ان زرعة وسماعة واقفيان والثاني ان المسؤول في الرواية مجهول فاذن التمسك باشتراط عدم الماء في جواز التيمم أصل ولان الرواية ليست صريحة في الجواز مع وجود الماء لكن لو قيل إذا فاجأته الجنازة وخشي فوتها مع الطهارة تيمم لها كان حسنا لأن الطهارة لما لم يكن شرطا وكان التيمم أحد الطهورين فمع خوف الفوات لا باس بالتيمم لان حال المتيمم أقرب إلى شبه المتطهرين ويدل على استحباب في التيمم في الصورة التي ذكره حسنة الحلبي قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل يدركه الجنازة وهو على غير وضوء فان ذهب يتوضأ فاتته الصلاة عليها قال يتيمم ويصلى ويدل على قول الشيخ ما رواه الكليني والشيخ عن حريز في الصحيح عمن اخبره عن أبي عبد الله عليه السلام قال الطامث تصلى على الجنازة لان ليس فيها ركوع ولا سجود والجنب يتيمم ويصلى على الجنازة والترجيح لقول الشيخ لان ضعف الروايتين منجبر بعمل الأصحاب مع المسامحة في أدلة السنن وهل يشترط نية البدلية الظاهر العدم والظاهر أنه ليس له الدخول به في غيرها من الصلوات لان شرعية الاكتفاء بالتيمم مع وجود الماء على خلاف الأصل فيقتصر على مورده النظر الخامس فيما تحصل به الطهارة بقسميها إما الطهارة الترابية فقد بيناها واما الطهارة المائية فبالماء المطلق لا غير هذا هو المشهور بين الأصحاب ونقل الاجماع عليه المحقق في الشرائع والمصنف في النهاية والشهيد في الذكرى والروض ونقل ابن زهرة أيضا الاجماع على عدم جواز الوضوء بغير الماء وخالف في ذلك الصدوق فقال في الفقيه ولا باس بالوضوء والغسل من الجنابة والاستيال بماء الورد وحكى الشيخ في الخلاف عن قوم من أصحاب الحديث منا انهم أجازوا الوضوء بماء الورد والأقرب الأول لنا قوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا أوجب عند عدم الماء الذي هو حقيقة في المطلق التيمم فلا يجوز الطهارة بالمضاف لانتفاء الواسطة بين الطهارتين وما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون معه اللبن أيتوضأ منه للصلاة قال لا انما هو الماء والصعيد وكلمة انما للحصر بنص أهل اللغة وقضاء العرف ولان الصلاة لا تصح بدون الطهارة الشرعية وكون الوضوء بالماء طهارة شرعية متيقنة وغير ذلك مشكوك
(١١١)