تأويله جمعا بين كلام من ذكر وكلام غيرهم من أفاضل أهل العربية ولو سلم عدم احتمال التأويل لكن لا يصلح معارضا لما ذكرنا من كلام اللغويين المصرحين بكون الصعيد الأرض وبعضهم صرح بأنه غير مختص بالتراب بل الزحاج صرح بأنه لا يعلم فيه خلافا كما نقل المطرزي وأيضا على السيد زائدا على ما ذكر ان ذكر التراب في الخبر خرج مخرج الغالب واتفق القايلون بدلالة الخطاب على أن حجيته انما يكون عند عدم ذلك على أن الرواية مذكورة بحذف التراب أيضا كما مر فقوله كلام السيد في أعلى مراتب السداد محل تأمل وإذا أحطت خبرا بما ذكرناه علمت أن الأقوى المشهور فيجوز التيمم بالأحجار وغيرها من وجه الأرض لكن لم يبعد ان يقال بشرط ان يكون عليها شئ ما من الغبار أو نحوه مما يعلق باليد لما سيجيئ من دلالة بعض الأخبار الصحيحة على التعليق فانتظر احتج أبو حنيفة بقوله صلى الله عليه وآله جعلت لي الأرض وطهورا فكل ما جازت ان يسجد عليه مما كان منها يجوز الطهور به ولأنه جزء من الأرض فلعل ذلك حجة ابن أبي عقيل أيضا وضعفها ظاهر كالتراب وإن كان نديا لما مر من الحجية روى رفاعة بن موسى في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كانت الأرض مبتلة ليس فيها تراب ولا ماء فانظر أجف موضع تجده فتيمم منه فان ذلك توسيع من الله عز وجل وارض النورة وارض الجص قبل الاحراق الوقوع اسم الأرض عليهما ومنع من ذلك ابن إدريس لكونهما معدنا وهو ضعيف وشرطا الشيخ في النهاية في جواز التيمم بها فقد التراب وفيه انه ان صدق اسم الأرض عليهما صح التيمم بهما اختيارا والا فلا يصح اضطرارا لفقد الدليل واما نفس النورة والجص بعد الاحراق فالمشهور المنع من التيمم بهما لعدم صدق اسم الأرض عليهما والمنقول عن المرتضى وسلار جواز التيمم بهما قال المحقق وما ذكره علم الهدى في المصباح هو رواية السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام انه سئل عن التيمم بالجص فقال نعم فقيل بالنورة فقال نعم فقيل بالرماد فقال لا انه لا يخرج من الأرض انما يخرج من الشجرة وهذا السكوني ضعيف لكن روايته حسنة لأنه ارض فلا يخرج باللون والخاصة عن اسم الأرض كما لا يخرج الأرض الصفراء والحمراء والأقوى اعتبار الاسم مطلقا كما ذهب إليه المصنف واختلف الأصحاب في الخزف فقيل لا يجوز التيمم به واختاره المحقق محتجا بأنه خرج بالطبخ عن اسم الأرض وقد يمنع ذلك وقيل بالجواز الشك في تحقق الاستحالة و لصدق اسم الأرض على المحرقة حقيقة وفيه ان الشك لا ينفع بل نصير الا على القول بحجية الاستصحاب في الأمور الخارجة وهو ضعيف وان بقاء الاسم ممنوع قال في المعتبر بعد أن قطع بخروج الخزف عن اسم الأرض بالطبخ ولا يعارض بجواز السجود لجواز السجود على ما ليس بأرض كالكاغذ واعترض عليه بان مقتضى الروايات الصحيحة المنع من السجود على غير الأرض ونباتها الذي لا يؤكل أو يلبس فمتى سلم خروج الخزف بالطبخ عن اسم الأرض وجب القول بامتناع السجود عليه إلى أن يثبت دليل الجواز كالكاغذ انتهى وكذا الحكم في الخزف المدقوق حتى صار كالتراب وتراب القبر الملاصق للميت فان غير ذلك لا يحتاج إلى التنصيص سواء تكرر النبش أم لا إذا لم يعلم فيه نجاسة خلافا لبعض العامة حيث منع من جواز التيمم بها إذا تكرر النبش ولو علم الاختلاط بالنجس كما إذا كان الميت نجس العين لم يجز والاختلاط بالعظم واللحم الطاهرين غير ضار مع الاستهلاك والمستعمل أي الممسوح به أو المتساقط لا المضروب عليه لاستغنائه عن البيان لصدق اسم الأرض عليه والظاهر أنه اجماعي بين الأصحاب وخالف فيه بعض العامة قياسا على الماء ولا يصح التيمم بالمعادن لعدم صدق الأرض عليها قال في المنتهى ولا يجوز التيمم بما ليس بأرض مطلقا كالمعادن والنبات المستحق والأشجار وغيرها سواء كان متصلا بالأرض أو لا وسواء كان من جنسها أو لم يكن وهو مذهب علمائنا أجمع والرماد سواء كان رماد الخشب أو الأرض لصدق اسم الأرض عليه واستقرب المصنف في النهاية جواز التيمم برماد الأرض وهو مشكل واما خبر السكوني السالف فضعيف يشكل التعويل عليه قال في التذكرة لو احترق التراب حتى صار رمادا فإن كان خرج عن اسم الأرض لم يصح التيمم به وهو حسن والأشنان والدقيق لعدم صدق الاسم واما رواية عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الدقيق يتوضأ به قال لا باس ان يتوضأ به فمع ضعف سندها محمول على المعنى اللغوي لعدم امكان حملها على المعنى الشرعي أي الطهارة بالماء والمغصوب للنهي عن الاستعمال المقتضى لفساد في العبادات والمراد بالمغصوب ما ليس مملوكا ولا مباحا ولا مأذونا فيه ولو تيمم في مكان مغصوب بتراب مباح لم يبطل تيممه لتوجه النهى إلى أمر خارج عن حقيقة ولو حبس في مكان مغصوب ولم يجد ماء مباحا أو وجد وكان استعماله ضارا بالمكان فهل يجوز التيمم بترابه مع فقد غيره أم لا فيه وجهان إما الوضوء بالماء المغصوب فلا يصح أصلا لأنه يتضمن اتلافا غير مأذون فيه نعم لو ربط في ماء مغصوب وتعذر عليه الخروج ولم يلزم من الاغتسال به زيادة اتلاف تكن تمشى الوجهين والنجس قال في المنتهى لا نعرف فيه مخالفا لقوله تعالى صعيدا طيبا قال المفسرون معناه الطاهر وهو حسن لكن يمكن المناقشة في أن المراد به الطاهر بالمعنى الشرعي وقد يستند بقوله صلى الله عليه وآله وترابها طهورا إذا النجس لا يعقل كونه مطهرا لغيره وفيه أيضا مناقشة ويجوز التيمم بالوحل مع عدم التراب ولو أمكن تجفيفه وجمعه في مكان ثم الضرب عليه وجب ويشترط في جواز التيمم بالوحل عدم الغبار على الثوب ونظائره ولو لم يعلم الغبار على الثوب ومثله وجب التيمم به وان فقد تيمم بالوحل والظاهر أنه لا خلاف في الامرين بين الأصحاب ويظهر نقل الاتفاق على ذلك من المعتبر والمنتهى وتدل عليه صحيحة أبي بصير على الظاهر عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كنت في حال لا يقدر الا على الطين فتيمم به فان الله أولي بالعذر إذا لم يكن معك ثوب جاف أو لبد تقدر ان تنقصه وتيمم به وموثقة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال اصابه الثلج فلينظر لبد سرجه فتيمم من غباره أو من شئ معه وإن كان في حال لا يجد الا الطين فلا باس ان يتيمم منه وصحيحة رفاعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كانت الأرض مبتلة فيها تراب ولا ماء فانظر أجف موضع تجده فتيمم منه فان ذلك توسع من الله عز وجل قال وإن كان في ثلج فلينظر لبد سرجه فليتمم من غباره أو شئ مغبر وإن كان في حال لا يجد الا الطين فلا باس ان يتيمم منه واختلف الأصحاب في كيفية التيمم بالوحل فقال الشيخان انه يضع يديه على الوحل ويفركهما ويتيمم به وقيل يضع يديه على الوحل ويتربص فإذا يبس تيمم به واستوجهه في التذكرة وحكى عن ابن عباس أنه قال يطلى بالطين فإذا جف تيمم به قال المحقق الوجه ما ذكره الشيخ عملا بظاهر الروايات وهو حسن ويشترط في الوحل ان يكون أصله مما يصح التيمم به كما صرح به المصنف في النهاية وكذا يجوز التيمم بالحجر معه أي مع التراب اختلف الأصحاب في التيمم بالحجر الصلد الذي لا غبار عليه كالرخام فقال الشيخ في المبسوط والخلاف يجوز التيمم به اختيار أو قيد في النهاية جواز التيمم بها بعدم القدرة على التراب وكذا المفيد في المقنعة ووافقه ابن إدريس ونقل عن ابن الجنيد كلام ظاهره المنع منه مطلقا وأسنده الشهيد إلى ظاهره لكن يخالف ذلك ما نقل المحقق عنه كما مر سابقا والمصنف في المختلف نقل الاجماع على جواز التيمم بالحجر عند فقد التراب وينافيه ظاهرا ذلك كما نقل المحقق عن المرتضى في شرح الرسالة وأبى الصلاح من عدم جواز التيمم بغير التراب فلعل غرضهما صورة الاختيار حجة القول بجواز التيمم به اختيارا صدق الأرض عليه اجماعا كما نقل في المعتبر ودل عليه اللغة والعرف واما القول بجواز التيمم به في حال الاضطرار دون الاختيار فيرد عليه انه ان صدق على الحجر اسم الأرض جاز التيمم به اختيارا للأدلة الدالة على ذلك والا لم يصح اضطرارا أيضا لعدم الدليل ويكره التيمم بالسبخة بالتحريك والتسكين وهي الأرض المالحة النشاشة وعرفها المصنف في النهاية بأنها التي لا تنبت وهذا على المشهور ومنع ابن الجنيد من التيمم بها لأنها استحالت وهو ممنوع حجة المشهور على الجواز صدق اسم الأرض عليها حقيقة واما دليل الكراهة فغير ظاهر ولو علاها الملح لم يجز حتى يزيله والرمل إما الجواز فلصدق اسم الأرض عليه واما دليل الكراهة فغير معلوم ولو فقده في العبادة خلل لان ارجاع الضمير إلى جميع المذكورات توجب تقديم الوحل على الغبار والى التراب ينافي تقديم الاحجار مثلا عليه والى الأرض لا يناسب تذكير الضمير لكونها مؤنثة سماعية تيمم بغبار ثوبه ولبد سرجه وعرف دابته والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب نقل اتفاق الأصحاب عليه الفاضلان وتدل عليه صحيحة رفاعة وموثقة زرارة ورواية أبي بصير وقد مضى الكل عند شرح قول المصنف ويجوز بالوحل وصحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام أرأيت المواقف ان لم يكن على وضوء كيف يصنع ولا يقدر على النزول قال يتيمم من لبده واو سرجه أو معرفة دابته فان فيها غبارا ويصلى وينبغي التنبيه على أمور الأول ظاهر العبارة التخيير وهو أشهر واليه ذهب المرتضى والمفيد حيث قال إذا حصل في ارض وحلة وهو محتاج إلى التيمم
(٩٨)