ابن زهرة في الغنية والمحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى والتذكرة ويدل عليه ظاهر الآية والاخبار فان عدم الوجدان انما يتحقق عرفا بعد الطلب أو اليقين بالعدم وحسنة زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت فإذا خاف ان يفوته فليتيمم وليصل في اخر الوقت وإذا وجد الماء فلا قضاء عليه وليتوضأ لما يستقبل وعن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم السلام أقل تطلب الماء في السفر إن كانت الحزونة فغلوة وإن كانت سهولة فغلوتين لا تطلب أكثر من ذلك واما رواية يعقوب بن سالم ورواية داود الرقي المتقدمتان ورواية علي بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال فقال له داود بن كثير أفأطلب الماء يمينا وشمالا فقال لا تطلب الماء يمينا ولا شمالا ولا في شبران وجدته في الطريق توضأ وان لم تجد فامض فمحمولة على حال الضرورة والخوف لكن هذا التأويل في الرواية الأخيرة لا يخلو عن بعد الا انها غير صحيحة ومع ذلك لا تقاوم الأدلة المتقدمة واختلف كلام الأصحاب في حد الطلب فقال الشيخ في في المبسوط والطلب واجب قبل تضييق الوقت في رحله وعن يمينه وعن يساره وسائر جوانبه رمية سهم أو سهمين إذا لم يكن هناك خوف وقال في النهاية ولا يجوز له التيمم في اخر الوقت الا بعد طلب الماء في رحله وعن يمينه ويساره بمقدار رمية أو رميتين إذا لم يكن هناك خوف وقال المفيد في المقنعة ومن فقد الماء فلا يتيمم حتى يدخل وقت الصلاة ثم يطلب امامه وعن يمينه وعن شماله مقدار رمية سهمين من كل جهة إن كانت الأرض سهلة وإن كانت حزنة طلبه في كل جهة مقدار رمية سهم وقال ابن زهرة ولا يجوز فعله الا بعد طلب الماء رمية سهم في الأرض الحزنة وفى الأرض السهلة رمية سهمين يمينا وشمالا واماما ووراء باجماعنا وقال ابن إدريس وحد ما وردت به الروايات وتواتر به النقل في طلبه إذا كانت الأرض سهلة غلوة سهمين وإذا كانت خزنة فغلوة سهم واحد والمنقول عن أبي الصلاح مثل المفيد وقال صاحب الوسيلة فيها وانما يصح التيمم بعد طلبه قبل التضييق عن اليمين واليسار مقدار رمية في حزنة الأرض ورميتين في سهلها قال في المنتهى بعد نقل طرف من عبارات الأصحاب ولم يقدره السيد المرتضى في الجمل ولا الشيخ في الخلاف والجمل بقدر ولم نقف في هذا الباب على رواية سوى رواية السكوني وهي ضعيفة الا انها معتضدة بالشهرة وعمل الأصحاب كما قاله الفاضلان ويؤيدها نقل ابن زهرة الاجماع وادعاء ابن إدريس تواتر الاخبار بها قال في المعتبر التقدير بالغلوة والغلوتين رواية السكوني وهو ضعيف غير أن الجماعة عملوا بها والوجه انه يطلب من كل جهة يرجو فيها الإصابة ولا يكلف التباعد بما يشق ورواية زرارة تدل على أنه يطلب دائما ما دام في الوقت حتى يخشى الفوات وهو حسن والرواية واضحة السند والمعنى انتهى وفيه ان الرواية المذكورة غير معمولة عند الأصحاب ومع ذلك معارض بكثير من الأخبار الدالة على جواز التيمم في سعة الوقت فالعمل به مشكل فالأولى ان يحمل على الاستحباب أو يرتكب فيها تأويل اخر ولولا نقل ابن زهرة الاجماع وابن إدريس تواتر الاخبار على التحديد المذكور لم يبعد ان يجعل مدار الامر صدق عدم الوجدان العرفي وان زاد على الحد المذكور أو نقص فروع الأول لو خاف على نفسه أو ماله لو فارق مكانه لم يجب الطلب وقد مر ما يصلح دليلا لذلك الثاني قال في المنتهى ينبغي له ان يطلب الماء في رحله ثم إن رأى ما تقضى العادة بوجود الماء عنده كالخضرة قصده وطلب الماء عنده وان زاد على المقدر ولو بقربه قربة طلبها ثم قال والحاصل وجوب الطلب عندما يغلب على الظن وجود الماء عنده وهو حسن لان صدق عدم الوجدان العرفي انما يكون بعد ذلك الثالث لو تيقن عدم الماء سقط الطلب لانتفاء الفائدة والامر بالطلب محمول على الغالب ولو ظن لم يسقط لجواز كذب الظن ولو تيقن عدم الماء في بعض الجهات سقط الطلب من تلك الجهة خاصة الرابع لو تيقن وجود الماء لزم السعي إليه مع المكنة وعدم الضرر وبقاء الوقت سواء كان قريبا أو بعيدا وسواء لم يستلزم فوات مطلوبه أو استلزم على تردد في الأخير وقال في المعتبر من تكرر خروجه من مضره كالحطاب والحشاش لو حضرته الصلاة ولا ماء فان امكنه العود ولما يفت مطلوبه عاد ولو تيمم لم يجزيه وان لم يمكنه الا بفوات مطلوبه ففي التيمم تردد أشبهه الجواز دفعا للضرر انتهى قيل والظن أيضا كاليقين ولو كان البعد قد انتهى إلى حد لا تجد في الوقت لم يجب الطلب لعدم الفائدة الخامس قال في المنتهى لو كان بطلب الماء فظهرت قافلة كثيرة لزمه طلب الماء من جميعهم ما لم يخف فوت الصلاة فيطلبه حينئذ إلى أن يبقى من الوقت قدر الفعل فيتيمم ويصلى وهو حسن ان لم يبلغ الطلب المذكور إلى حد الحرج والمشقة العظيمة السادس لا يكفي طلب الغير الا ان يحصل به العلم بالانتفاء وهو خيرة المصنف في المنتهى نعم لو عجز لم يبعد وجوب الاستنابة ويحتسب لهما السابع قال المصنف وغيره لا يكفي الطلب قبل الوقت إذا أمكن التجدد بعده ويشكل بان الامر بالطلب مطلق غير مقيد بالوقت مع أنه صدق عدم الوجدان بالطلب قبله وعدم وجوب الشرط قبل وجوب المشروط نعم رواية زرارة السابقة تدل على الطلب في الوقت ان لم يحمل على الاستحباب الثامن استقرب المصنف في المنتهى والنهاية وجوب إعادة الطلب للصلاة الثانية وفيه الاشكال السابق لكن تدل عليه رواية زرارة ان لم يحمل على الاستحباب التاسع قال في المعتبر إذا تيمم ثم طلع عليه ركب لم يجب السؤال ولا استدلالهم على الماء العاشر يجب طلب التراب لو فقد حيث يجب التيمم لأنه شرط الواجب المطلق كالماء ولو وجد ما لا يكفيه للطهارة تيمم ولا يتبعض الطهارة بان يغسل بما يجده ثم تيمم على الباقي ولا فرق في ذلك بين الطهارتين وبهذا التعميم صرح المصنف في المنتهى والتذكرة وأسنده إلى علمائنا والدليل عليه قوله تعالى فلم تجدوا ماء فان الظاهر منه بحسب القرائن والمقام ان المراد عدم وجدان الماء الذي يكفي لكمال الطهارة كما لا يخفى على المندوب بأساليب الكلام كقوله تعالى في كفارة اليمين فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام فان المراد والله أعلم فمن لم يجد اطعام عشرة مساكين ولهذا لم يجب اطعام البعض لو تمكن منه وعن بعض العامة ان الجنب إذا وجد ماء لا يكفيه لطهارته استعمل الماء وتيمم وحكى عن بعض الشافعية ذلك في الحدث الأصغر استنادا إلى أنه واجد للماء وهو ممنوع المستند معلوم مما ذكرنا قال الفاضل الشارح وربما حكى عن الشيخ في بعض أقواله التبعيض واحتمل المصنف في النهاية وجوب صرف الماء إلى بعض أعضاء المجنب لجواز وجود ما يكمل طهارته وسقوط الموالاة بخلاف المحدث والمعتمد ما ذكره في التذكرة والمنتهى من عدم الفرق مسندا ذلك إلى الأصحاب لعدم التمكن من الطهارة المائية فتكون ساقطة وتؤيد ذلك صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في رجل أجنب في سفر ومعه ماء قدر ما يتوضأ به قال يتيمم ولا يتوضأ به وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام مثله ورواية الحسين بن أبي العلاء قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يجنب ومعه من الماء قدر ما يكفيه لوضوء الصلاة أيتوضأ بالماء أو يتيمم قال يتيمم وما رواه ابن بابويه عن محمد بن حمران النهدي وجميل بن دراج في الصحيح انهما سألا أبا عبد الله عليه السلام عن امام قوم اصابته جنابة في السفر وليس معه من الماء ما يكفيه للغسل أيتوضأ بعضهم ويصلى بهم قال لا ولكن يتيمم ويصلى بهم فان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا ورواه الشيخ في التهذيب بأدنى تفاوت وفى موضع اخر باسناد اخر مع مخالفة في المتن وروى ابن بابويه عن عبيد الله بن علي الحلبي في الصحيح انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يجنب ومعه قدر ما يكفيه من الماء لوضوء الصلاة أيتوضأ بالماء أو يتيمم قال لا بل يتيمم الا ترى انه انما حصل عليه نصف الوضوء إذ لو كان غسل بعض الأعضاء واجبا لبينه عليه السلام ويؤيد ذلك حسنة الحلبي قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا لم يجد الرجل طهورا وكان جنبا فليمسح من الأرض ليصل وكذا لو تضرر بعض أعضائه بالمرض تيمم ولم يغسل الصحيح وقال الشيخ في المبسوط والخلاف ولو غسلها وتيمم كان أحوط ولو وسع الماء للغسل أو الوضوء في غير الجنابة وجب صرفها في الغسل على القول بكفايته على الوضوء واما على القول الآخر فيحتمل التخيير وتقديم الغسل وحكم في النهاية بأنه مخير بين الغسل به والتيمم عوضا عن الوضوء وبين الوضوء وصرف الباقي إلى بعض أعضاء الغسل ثم التيمم عوضا عن الغسل ولو وجد ما يكفيه لإزالة النجاسة خاصة أزالها وتيمم يعنى لو كان على بدن المحدث نجاسة ومعه من الماء ما يكفي لإزالة النجاسة أو رفع الحدث لا لهما جميعا فإنه يتيمم ويزيل النجاسة بالماء والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب قال في المعتبر لا اعلم في هذه خلافا بين أهل العلم وفى المنتهى لا نعرف فيه خلافا وفى التذكرة انه اجماعي وكذا لو كانت النجاسة على ثوبه أو شئ اخر مما يتوقف صحة الصلاة على الإزالة عنه وعلل ذلك بان الطهارة المائية لها بدل هو التيمم بخلاف إزالة النجاسة فيجب صرفها فيها والتيمم جمعا بين الحقين ولولا الاجماع المنقول أمكن المناقشة في الامر المذكور هذا الحكم مشروط بوجود ما يتيمم به ولو فقده قدم الطهارة المائية بناء على اشتراط صحة الصلاة بالطهور وعدم
(٩٦)