المصنف في المنتهى دعوى في صورة النسيان والتفريط أعاد قاله علماؤنا والحق بما ذكر ما لو وجد الماء في الفلوات واستندوا في هذا الباب إلى رواية أبي بصير قال سألته عن رجل كان في سفر وكان معه ماء فتيمم وصلى ثم ذكر ان معه ماء قبل ان يخرج الوقت قال عليه ان يتوضأ ويعيد الصلاة وهذه الرواية مخصوصة بالناسي وبمن وجد الماء وهو في الوقت فيكون خارجا عن محل النزاع ولا يستقيم عندي استضعافه بوجود عثمن بن عيسى في الطريق لما قيل إنه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه ويظهر من كلام الشيخ في العدة اتفاق الأصحاب على العمل برواياته ولا بابي بصير لما سيجيئ في مبحث الكر ولا بعدم صراحة استناده إلى الإمام عليه السلام لما مر سابقا قال الشارح الفاضل وضعفه منجبر بالشهرة كما نبه عليه الذكرى وفيه ان الضعف ينجبر بالشهرة بين المتقدمين إما مطلقا فمحل تأمل والخبر المذكور ولم يعمل بمضمونه المرتضى لأنه حكم باجزاء التيمم في صورة النسيان بل الشيخ وغيره أيضا لان الشيخ حكم بعدم الإعادة في صورة الاجتهاد والطلب والوجه ان مقتضى الأدلة عدم وجوب الإعادة لان الاتيان بالمأمور به يقتضى الأجزاء وللعمومات الدالة على ذلك وقد مر طرف منها نعم لو ثبت اجماع على وجوب الإعادة كان هو الحجة والظاهر عدمه لكن الاحتياط في الإعادة فروع الأول لو نسى الماء في رحله وصلى بالتيمم اجزاه عند علم الهدى وقال الشيخ ان اجتهد وطلب لم يعد والا أعاد وقال الصدوق ان ذكر في الوقت أعاد والتفصيل الذي ذكره الشيخ حسن إن كان في سعة الوقت بناء على جواز التيمم في السعة وان لم يجتهد وضاق الوقت عن الطلب ونسى الماء فالظاهر عدم وجوب الإعادة لما سبق من الأدلة ورواية أبي بصير غير واضحة الدلالة على الوجوب بل يثبت منها الرجحان المطلق والاحتياط في الإعادة الثاني لو أراق الماء قبل الوقت أو مر بماء فلم يتطهر ودخل الوقت ولا ماء تيمم وصلى ولا إعادة والظاهر أنه اجماعي ولو كان ذلك بعد دخول الوقت فكذلك ذكر ذلك في المعتبر من غير نقل خلاف الامن العامة ويدل عليه ما ذكرنا من أن الاتيان بالمأمور به يقتضى الأجزاء ومن العمومات الدالة على ذلك وقطع الشهيد في الدروس والبيان بوجوب الإعادة وجعله المصنف في التذكرة احتمالا قال فحينئذ يعيد واحدة لا ما بعدها ويحتمل قضاء كل صلاة دونها بوضوء واحد في اعارته والأصح السقوط مطلقا الثالث لو كان الماء موجودا عنده فأخل باستعماله حتى ضاق الوقت عن الطهارة به والصلاة فهل يتيمم ويؤدى أم يتطهر ويقضى ظاهر اطلاق الشيخ الثاني حيث حكم ببطلان التيمم والصلاة قبل الطلب للفاقد وقد صرح المحقق بما هو أبلغ منه حيث قال من كان الماء قريبا منه وتحصيله ممكن لكن مع فوات الوقت أو كان عنده وباستعماله يفوت لم يجز له التيمم وسعى إليه واختار المصنف في المنتهى والتذكرة الأول وهو أقرب لان المكلف مأمور بالصلاة في وقتها بمقتضى الآية وغيرها وقد ثبت اشتراطها بالطهور ووجوبه لها إما الماء مع امكانه والصعيد مع تعذر استعماله للصلاة ولما تعذر استعمال الماء للصلاة في الصورة المذكورة تعين الصعيد لقوله عليه السلام في صحيحة حماد بن عثمن وهو بمنزلة الماء وقول الصادق عليه السلام ان رب الماء هو رب الأرض وفى صحيحة جميل ان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا احتج المحقق بأنه غير واجد وغرضه ان وجوب التيمم معلق بعدم وجدان الماء ومفهومه عدم وجوبه عند وجدان الماء والجواب ان المراد بالماء في الآية ليس طبيعة الماء مطلقا بل المراد به والله تعالى اعلم الماء الذي تمكن الطهارة به للصلاة وبقرينة المقام أو المراد بعدم وجدان الماء عدم التمكن من استعماله للصلاة كما ذكره غير واحد من المحققين فان أمثال هذه المعاني يستفاد من هذه العبارة عرفا بانضمام القرائن ومراعاة السوابق ولهذا حكموا بوجوب التيمم وان وجد ماء لا يكفي لطهارته وليس المراد الماء الذي يمكن الطهارة به لصلاة ما بل للصلاة الحاضرة الواجبة عليه في وقتها الأداء وبالجملة وجوب حمل الكلام على المعنى الحقيقي مع وجود أمثال هذه القرائن للحمل على المعنى المجازى ممنوع وفرق الشيخ على بين ما لو كان الماء موجود اعتده بحيث يخرج الوقت لو استعمله وبين من كان الماء بعيدا عنه بحيث لو سعى إليه لخرج الوقت فأوجب الطهارة المائية على الأول دون الثاني وفيه تحكم واضح وهل يجوز التيمم لو تمكن من الطهارة المائية وادراك ركعة من الصلاة حكم في التذكرة بالعدم وفيه اشكال بوجوب مجموع الصلاة في الوقت فإذا تعذر الماء له تعين الصعيد والاحتجاج عليه بقوله عليه السلام من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة لا يخلو عن ضعف لأنه دال على ادراك الصلاة بذلك لا جواز التأخير بهذا المقدار فتأمل ولو عدم الماء والتراب الطاهرين وما في حكم التراب من الحجر والغبار والوحل سقطت الصلاة أداء وقضاء إما سقوطها أداء فهو ظاهر الأصحاب بحيث لا نعلم مخالفا فيه على التعيين الا ان المحقق في الشرائع حكى قولا بالصلاة والإعادة قيل وكانه نظر إلى ما ذكره الشيخ في المبسوط من تنجيزه بين تأخير الصلاة أو الصلاة والإعادة وهو غير دال على ما ذكره ويفهم من كلام المصنف أيضا وجود القول بذلك والمنقول عن المفيد رحمه الله في رسالته إلى ولده أنه قال وعليه ان يذكر الله تعالى في أوقات الصلاة بمقدار صلاته ويدل على سقوط الأداء قوله عليه السلام في صحيحة زرارة لا صلاة الا بطهور فإنه يفهم اشتراط صحة الصلاة مطلقا بالطهور فإذا تعذر الطهور وكان مكلفا بالصلاة فلا يخلو إما ان يكون المأمور به الصلاة المتلبسة بالطهارة أم لا وعلى الأول لزم التكليف بما لا يطاق وعلى الثاني يلزم عدم اشتراطها مطلقا بالطهارة واما القضاء فالذي اختاره الشيخان والمرتضى وابن إدريس الوجوب واختاره الشهيد ونقل عن المرتضى في المسائل الناصرية أنه قال ليس لأصحابنا في هذا نص صريح وحكى المحقق عن المفيد قولا اخر بعدم الوجوب واختاره واليه ذهب المصنف والأقرب وجوب القضاء لعموم ما دل على وجوب قضاء الفوائت كقول أبى جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة ومتى ذكرت صلاة تليها وفى صحيحة أخرى لزرارة أربع صلوات يصليها الرجل في كل وقت صلاة فاتتك فمتى ذكرتها أديتها الحديث احتجوا السقوط القضاء بان القضاء انما يثبت وجوبه بأمر جديد ولم يثبت الامر في المتنازع فيه ولان الأداء لم يتحقق وجوبه فلا يجب القضاء وضعفهما ظاهر واحتج الشهيد رحمه الله على وجوب القضاء بقوله عليه السلام من فاته صلاة فريضة فليقضها إذ من لا يجب عليه الأداء لا يجب عليه القضاء كالصبي والمجنون ويؤيده ان الفريضة فعليه بمعنى مفعولة أي مفروضة وهي الواجبة ويبعد ان يكون المراد الواجبة على غيره لكونه خلاف المتبادر ووقوع الاحتياج إلى التقدير ويندفع بمنع اختصاص وجوب القضاء بمن وجب عليه الأداء لانتقاضه بالساهي والنائم ويندفع ما ذكره من التأييد بان هذا اللفظ قد صارت علما للصلوات المخصوصة التي من شأنها كونها فريضة مع قطع النظر عمن فرضت عليه ولهذا يطلقون عليها هذا الاسم من غير ملاحظة انتسابها إلى الفاعل فيقولون صلاة الفريضة عددها كذا وحكمها كذا وبالجملة هذا المعنى يتبادر عنه عند الاطلاق وذلك أية الحقيقة وينقضه أي التيمم كل نواقض الطهارة الكبرى والصغرى ويزيد نواقض التيمم على نواقضها وجود الماء مع التمكن من استعماله بحيث يرتفع الموانع المسوغة للتيمم والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب والاخبار بذلك مستفيضة وهل يعتبر مضى زمان يتمكن فيه من فعل الطهارة المائية أم يكفي التمكن من أول الأمر وان حصل الكاشف لعدمه ثانيا بان يتلف الماء قبل اتمامه مثلا فيه اشكال وإن كان ظاهر اطلاقات الاخبار الثاني وقد يستدل عليه بان الخطاب متوجه إلى المكلف بالطهارة بالماء وتوجه التكليف بالطهارة المائية ينافي بقاء التيمم وبأن وجوب الجزم بالنية يقتضى وجوب الطهارة بالماء فيرتفع حكم التيمم وفيه ان المراد بتوجه الخطاب بالطهارة المائية إن كان توجهه بفعله في نفس الامر فممنوع وإن كان المراد توجه الخطاب بالاشتغال به والتوجه إليه فمسلم لكن الكبرى ممنوعة والجزم بالنية انما هو بحسب الظاهر قبل ظهور الكاشف وقد يستدل على الأول بأن المكلف غير مأمور بالطهارة لاستحالة التكليف في زمان لا يسعه ولهذا لو علم من أول الأمر انه لا يتمكن من الاكمال لم ينتقض تيممه وفيه انه ان أراد عدم التكليف بمجموع الفعل فمسلم لكن يجوز ان يكون التكليف بالشروع في الفعل بناء على ظنه بأنه مكلف بالمجموع للظن بالتمكن منه كافيا في رفع اثر التيمم وان أراد عدم التكليف بالفعل أصلا فممنوع والمستند ظاهر وانتفاء التكليف في صورة العلم بعدم التمكن في مبدأ الامر لا يوجب انتفاؤه مطلقا وحيث
(١٠٧)