بعدم جواز التيمم وان خاف التلف أو زيادة المرض واسند في المنتهى إلى الشيخ القول بأن المتعمد وجب عليه الغسل وان لحقه برد الا ان يخاف على نفسه التلد والذي ذكره في المبسوط والنهاية انه يتيمم عند خوف البرد على نفسه ويعيد الصلاة عند الاغتسال إذا كانت الجنابة عمدا وفى التهذيب ان الأولى له ان يغتسل على كل حال وفى الخلاف وافق المصنف والمنقول عن ظاهر كلام ابن الجنيد عدم اجزاء التيمم للمتعمد ويدل على الأول عموم الآية المذكورة بانضمام الاجماع المركب ان نوقش في شمول لجميع المواد مع انتفاء الحرج المعلوم من الآية وقوله عليه السلام لا ضرر ولا اضرار وعموم الأخبار السابقة وقوله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة لكن هذا لا يشمل تمام المدعى ويؤيد ذلك أن الجنابة على هذا التقدير غير محرم نقل الاجماع عليه المحقق في المعتبر فلا يترتب على فاعله التغرير بالنفس الذي هو بمنزلة العقوبة ويؤيد صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل أجنب في سفر ولم يجد الا الثلج أو ماء جامدا فقال هو بمنزلة الضرورة يتيمم ولا ارى ان يعود إلى هذه الأرض التي يوبق دينه واستدل الشيخ في الخلاف بصحيحة عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن رجل كان في ارض باردة فتخوف ان هو اغتسل ان يصيبه عنت من الغسل كيف يصنع قال يغتسل وان اصابه ما اصابه وفى التهذيب تتمة لهذا الخبر وهي هذه قال وذكر انه كان وجعا شديد الوجع فاصابته جنابة وهو في مكان بارد وكانت ليلة شديدة الريح باردة قد تلوث الغلمة فقلت لهم احملوني فاغسلوني فقالوا انا نخاف عليك فقلت ليس بد فحملوني ووضعوني على خشبات ثم صبوا على الماء فغسلوني وصحيحة محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل تصيبه الجنابة في ارض باردة ولا يجد الماء وعسى ان يكون الماء جامدا قال يغتسل على ما كان وفى التهذيب تتمة لهذا الخبر وهو هذه حدثه رجل انه فعل ذلك فمرض شهرا من البرد فقال اغتسل على ما كان فإنه لابد من الغسل وذكر أبو عبد الله عليه السلام انه اضطر إليه وهو مريض فاتوه به مسخنا فاغتسل وقال لابد من الغسل وأجاب في المعتبر بأنهما ليستا صريحتين في الدلالة لان العنت المشقة وليس كل مشقة تلفا وقوله على ما كان ليس حجة في موضع النزاع وان دل باطلاقه فدفع الضرر المظنون واجب عقلا لا يرتفع باطلاق الرواية ولا يخص بها عموم نفى الجرح انتهى وهو حسن وبالجملة ينبغي حملها على المشقة اليسيرة واما تتمة الخبر فيمكن ان يرجع الضمير في قوله حدثه رجل إلى غير المعصوم عليه السلام ومما يضعف الاحتجاج بالخبرين انهما لا يختصان بالمتعمدة هما على هذا الوجه غير معمول بين الأصحاب والتأويل الذي ذكرنا ليس أبعد من التخصيص خصوصا إذا اقتضا الجمع بينه وبين اخبار اخر أخص منه ووافق الكتاب والعقل قال المحقق ثم هاتان الروايتان معارضتان بروايات ونقل رواية داود بن سرحان والبزنطي وقد مضتا ثم قال وهاتان أرجح بوجوه أحدها انه أيسر واليسر مراد الله تعالى الثاني انهما ناصان على موضع النزاع والأولتان مطلقتان وغرضه انهما أخص مطلقا فتكون مخصصتين على التعيين الثالث ان مع العمل بهاتين يمكن العمل بالأولتين على جهة الاستحباب كما ذهب إليه الشيخ في التهذيب واما مرفوعة علي بن إبراهيم قال قال إن أجنب فعليه ان يغتسل على ما كان منه وان احتلم تيمم و مرفوعة علي بن أحمد عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن مجدور اصابته جنابة قال إن كان أجنب هو فليغتسل وان احتلم فليتيمم فضعف سندهما يمنع من التعويل عليهما مع معارضتهما بأقوى منهما وأجيب عنه أيضا بأنهما لم يتضمنا موضع النزاع لجواز ان يكون لا مع الخوف على النفس وفيه نظر ويدل على عدم وجوب إعادة الصلاة روايات كثيرة منها صحيحة محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أجنب فتيمم بالصعيد وصلى ثم وجد الماء فقال لا يعيد ان رب الماء رب الصعيد فقد فعل أحد الطهورين واما رواية جعفر بن بشير عمن رواه عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل اصابته جنابة في ليلة باردة يخاف على نفسه التلف ان اغتسل قال يتيمم فإذا امن البرد اغتسل وأعاد الصلاة وروى جعفر بن بشير عن عبد الله بن سنان أو غيره عن أبي عبد الله عليه السلام مثل ذلك فضعيفة كما اعترف به الشيخ رحمه الله فقال إنه خبر مرسل منقطع الاسناد لان جعفر بن بشير في الرواية الأولى قال عمن رواه وهذا مجهول يجب اطراحه وفى الرواية الثانية قال عن عبد الله بن سنان أو غيره فأورده وهو شاك فيه وما يجرى هذا المجرى لا يجب العمل به نعم يمكن الاستدلال بما رواه ابن بابويه في الصحيح عن عبد الله ابن سنان انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل تصيبه الجنابة في الليلة الباردة ويخاف على نفسه التلف ان اغتسل فقال يتيمم ويصلى فإذا امن البرد اغتسل وأعاد الصلاة لكنها غير مشتملة على قيد التعمد ومع ذلك معارضة بما هو أقوى منها فالأولى حملها على الاستحباب قال في المعتبر والوجه عندي انه لا إعادة لان التيمم عند الخوف على النفس إما ان يكون مبيحا للصلاة أم لا يكون فإن كان مبيحا سقط القضاء لأنه اتى بصلاة مستكملة للشرائط وان لم يكن مبيحا لم يجيب الأداء فالقول بوجوب الأداء مع وجوب القضاء مما لا يجتمعان لكن الأداء واجب فالقضاء غير واجب و هو جيد الثاني المريض والجريح الذي لا يخاف الضرر باستعمال الماء كالصداع والحمى الحارة لا يجوز له التيمم وخالف فيه بعض العامة محتجا بعموم الآية وفيه ان الآية غير صريحة في العموم لجواز ان يكون قوله تعالى فلم تجدوا قيدا للجميع وأيضا يحتمل ان يكون المراد المرض الذي يخاف معه بقرائن الحال والمقام فلا يلزم العموم الثالث إذا خاف حدث ومرض يسير أو زيادته بحيث يتحمل عادة كالصداع ووجع الضرس فظاهر عبارة المصنف والمحقق عدم جواز التيمم وبه صرح المصنف في غير هذا الكتاب في النهاية على الجواد على مطلق المرض مال إليه الشهيد في الذكرى حيث استشكل حكم الفاضلين بعدم جواز التيمم بالعسر والحرج وبقول النبي صلى الله عليه وآله لا ضرر ولا اضرار مع تجويز التيمم بالشين وقواه الشيخ على وزاد في الاحتجاج انه لا وثوق في المرض بالوقوف على الحد اليسير و قد يقال ربما كان الخلاف مرتفعا في المعنى فإنه مع الضرورة والمشقة الشديدة يجوز التيمم عند الجميع لان المرض والحال هذه لا يكون يسيرا ومع انتفاء المشقة وسهولة الأرض لا يسوغ التيمم عند الجميع أيضا وهو غير ثابت وما ذكره الفاضلان لا يخلو عن رجحان لان عموم المرض المذكور في الآية بحيث يشمل الضرر اليسير محل النظر فيبقى ما نحن فيه تحت العمومات الدالة على وجوب الوضوء والغسل ويؤيد ذلك صحيحة عبد الله بن سليمان وصحيحة محمد بن مسلم وقد مضتا واما الحرج والضرر المنفيان بالآية والخبر ففيهما اجمال يشكل الحكم بشمولهما لموضع النزاع والاحتياط الجمع في الصورة المفروضة الرابع لو خاف من شدة البرد وامكنه تسخين الماء أو استعماله على وجه يا من الضرر كان يغتسل عضوا عضوا ثم يستره وجب ولم يجز له التيمم ولو احتاج إلى شراء حطب أو استجار من يسخنه وجب مع المكنة ولو احتاج تحصيل الماء إلى حركة عنيفة ولم يمكنه تحملها عادة لكبر أو مرض تعين التيمم ولو وجد من تناوله الماء بأجرة وجب مع المكنة وأدلة الكل ظاهرة الخامس في حكم المرض العجز عن الوصول إلى الماء بسبب ضيق الوقت بحيث لا يدرك منه بعد الطهارة قدر ركعة على المشهور بين المتأخرين وان قدر على الماء بعد الوقت بان يكون قريبا منه وقال المحقق من كان الماء قريبا منه وتحصيله ممكن لكن مع فوات الوقت أو كان عنده وباستعماله يفوت لم يجز له التيمم وسعى إليه لأنه واجد والأقرب الأول لوجوب الصلاة عليه وعدم جواز تأخيرها عن الوقت بالعمومات الدالة على ذلك وحيث تعذرت الطهارة المائية لها تعين التراب لأنه أحد الطهورين وهو بمنزلة الماء بمقتضى الأخبار الصحيحة ولا نسلم وجود أمر دال على وجوب السعي إلى الوضوء مثلا حينئذ ولا يقدح وجدان الماء إذا لم يمكنه الطهارة به لأجل الصلاة السادس ذكر المصنف وغيره ان المرجع في معرفة التضرر بالماء الظن المستند إلى الوجدان الحاصل بالتجربة أو غيرها أو اخبار عدل ولو حصل الظن باخبار فاسق أو صبي أو امرأة ومخالف غير متهم في دينه فقال في التذكرة الأقرب القبول لأنه يجرى مجرى العلامات كما يقبل قول القصاب الفاسق في التذكية وتبعه المتأخرون ولم أر مصرحا بخلافه وعلله بعضهم بان غاية ما يقيد به الآية الشريفة اعتبار ظن الضرر فيكفي حصوله بأي وجه اتفق وهذا انما يتم إذا لم يكن قوله تعالى فلم يجدوا قيدا للجميع واليه يتطرق المنع ومع ذلك لا يجرى في المرض المتوقع ويمكن دفع الأول بما ذكرنا من أن الأقرب ان يكون عدم الوجدان قيدا للأخيرين والثاني بانضمام دعوى الاجماع المركب بل الظاهر من كلام الأصحاب حيث ذكروا من أصحاب الترخيص الخوف من استعمال الماء حيث نقل ابن زهرة اجماع الفرقة عليه وقال في المعتبر تسبيح المريض التيمم مع خوف التلف اجماعا قال وهل يستبيحه لخوف الزيادة في العلة أو بطؤها أو الشين مذهبنا نعم كحصول الترخيص بمجرد الخوف وان لم يكن مع الظن أو كان بمجرد الجبن أو للبرد المولم في الحال بان يكون برد الماء شديدا لا يتحمل مثله عادة وان امن العاقبة فان يسوغ له التيمم كما صرح به في المنتهى والنهاية لانتفاء الحرج والضرر ويؤيده صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل أجنب في سفر ولم يجد الا الثلج أو ماء جامدا قال هو بمنزلة الضرورة يتيمم فإنها بعمومها تشمل البرد الذي لا يخشى عاقبة إما لو تألم بما يمكن
(٩٣)