فأما قوله في الفصل (هو خلاف ما أجمعت عليه الشيعة في الرد على أصحاب القياس في بطلان تحليل شئ لقوم وتحريمه على غيرهم من الناس).
فما أجمعت الشيعة على ما ظنه، ولا يرد من الشيعة على أصحاب القياس بهذا الضرب من الرد محصل ولا متأمل، وقد بينا في كثير من كتبنا وكلامنا كلاما في هذا الموضع، وأنه لا يمتنع في التكليف أن يحلل الله تعالى شيئا على قوم ويحرمه على آخرين، وإن هذا غير متناقض ولا متناف.
وإنما يعول على هذا الضرب من الكلام من يبطل القياس من طريق العقول، ويعتقد أن العبادة تستحيل أن ترد به، وقد بينا جواز ورود العبادة بالقياس، وإنما نحرمه في الشريعة ولا نثبت به أحكامها، لأن العبادة ما وردت به ولا دلت على صحته.
فأما قوله (وهو أيضا يضاد ما يروونه من صوم يوم الشك على سبيل الاستظهار) وقد كان ينبغي أن يبين ويوضح 1 موضع التضاد بين القولين في مذهبنا بالرؤية وبين ما تستحب من صوم يوم الشك على سبيل الاستظهار وما تعرض لذلك.
فأما قوله (فالواجب على العبد إذ رأي الهلال أن لا يبادر إلى القطع والثبات، وأن يتوقف مجوزا لورود أخبار البلاد بما يصح، واعتقاد هذا بعيد عن الصواب وأولى بالفساد، وهو مسقط عن كافة الأمة اعتقاد أول شهر رمضان إلى أن يتصل بهم أخبار البلاد).
فقد بينا أن القسم الصحيح من أقسامه التي قسمتها هو غير هذا القسم وأوضحناه، وأن الواجب على من رأى الهلال أن يعتقد أن هذه ليلة أول شهر رمضان في حقه وحق من يجري مجراه في رؤيته، وإن جوز أن يكون رؤي في بعض البلاد، ويختلف فرض من رآه تلك الليلة ومن لم يره ويخبر عنه، غير