وذلك أن أفعال الاضطرار يقاس عليها أمور المتمكن والاختيار، معلوم تباين الممنوع والمطلق، ومن يتمكن من السؤال وارتقاب الهلال ومن لا يقدر، وما هما إلا كالعاجز والقادر، فالمماثلة فيما هذا سبيله باطلة والقياس فاسد.
يقال له: أول ما نقوله لك: حكيت عنا أنا نقيس من خفي عليه الهلال ليلة يوم الشك فلم يره ولم يخبره عن رؤيته، فصام بنية النفل ثم ظهر بالخبر أنه رؤي وأنه من شهر رمضان في أنه يجزي عنه صيامه وإن لم يصح بنية الفرض، ولا يجب عليه القضاء على المسجون.
ونحن لا نقيس هذا على ذلك، ولا نرى القياس في الأحكام، وإنما سوينا بينهما في صحة الصيام وإجزائه، وأنه لا قضاء فيه عليه بدليل يوجب العلم. ولو لم يكن في ذلك إلا إجماع الفرقة المحقة من الشيعة عليه، وإجماعهم حجة لدخول المعصوم عليه السلام فيه.
فأما قوله (إن حال الضرورة لا يقاس على الاختيار).
فقد بينا أنه لا نقيس حالا على أخرى، على أنه إن رضي لنفسه بهذا القدر من الفرق، فالحالان متساويان 1 في الضرورة ونفي الاختيار، لأن المسجون كما لا قدرة له ولا سبيل إلى تعيين شهر رمضان، لأنه لا يتمكن من رؤية الهلال ولا من سؤال غيره.
فكذلك من غم عليه الهلال ليلة يوم الشك، فلم يره ولا خبر برؤيته ولا سبيل له إلى العلم بأنه ذلك اليوم من شهر رمضان، فهو أيضا كالمضطر الذي لا قدرة له على العلم بأن ذلك اليوم من شهر رمضان، فجرى مجرى المسجون في سقوط الفرض عنه.