من شهر رمضان، ولا يجب على من أفطره ما يجب من أفطر يوما فرض عليه فيه الصيام، والشك فيه يمنع من النية على كل حال.
يقال له: القسم الثاني من أقسامك التي ذكرتها هو الصحيح المعتمد، وما رأيناك أبطلت هذا القسم إلا بما لا طائل فيه، لأنك قلت: إنه يلزم على اختلاف أول شهر رمضان، لجواز اختلاف رؤية الهلال، أن يحل لبعض الناس الافطار في يوم يجب على غيرهم فيه الصيام، وأنه يلزم في آخر الشهر نظير ما لزم في أوله، وهذا يؤول إلى انقضائه عند قوم، وكونه عند غيرهم على التمام.
وهذا الذي ذكرته كله وقلت إنه لازم لهم، صحيح ونحن نلتزم ذلك، وهو مذهبنا. وأي شئ يمنع من اختلاف العبادات لاختلاف أسبابها وشروطها، وأن يلزم بعض المكلفين من العبادة ما لم يلزم غيره، فتختلف أحوالهم باختلاف أسبابهم.
ومن الذي يدفع هذا وينكره والشريعة مبنية عليه، ألا ترى أن من وجب عليه بعض الصلوات ويجتهد في جهة القبلة، فغلب في ظنه بقوة بعض الأمارات أنها في جهة مخصوصة، فإنه يجب عليه الصلاة إلى تلك الجهة.
وإذا اجتهد مكلف آخر فغلب في ظنه أنها في جهة أخرى غير تلك (الجهة) فإنه يجب عليه أن يصلي إلى تلك الجهة الأخرى وإن خالفت الأولى فقد اختلف فرض هذين المكلفين كما ترى، وصار فرض أحدهما أن يصلي إلى جهة وفرض الآخر أن يصلي إلى خلافها.
وكذلك لو دخل اثنان في بعض الصلوات وذكر أحدهما أنه على غير وضوء وأنه أحدث ونقض الوضوء، والآخر لم يذكر شيئا من ذلك، لكان فرض أحدهما أن يقطع الصلاة ويستأنفها، وفرض الآخر أن يمضي فيها ويستمر عليها.
وكذلك لو حضر ماء بين يدي محدثين، فغلب في ظن أحدهما بأمارة لاحت