كثير من المواضع مع الجهل بها 1، مع اتفاق العلماء على أن الجهل لا يبيح سقوطه إلا عمن لا يتمكن به.
فأما من هو متمكن من ذلك لكونه عاقلا، فلا يعرض العلم يلزمه ويتسعه الحكم يتعلق عليه، وأن جهله لولا ذلك لكان الجهل سببا مبيحا لسقوط ما يلزم عليه من التكاليف العقلية والشرعية، وهذا شئ لا يقوله مسلم.
الجواب:
إعلم أن الجهل ممن كلف العلم وله إليه طريق لا يكون إلا معصية وتفريط 2 عن المكلف، إلا أن الحكم الشرعي غير ممتنع أن يتغير مع الجهل، ولا يكون حاله مساوية لحاله مع العلم.
فإذا قال أصحابنا: من عقد نكاحا على امرأة وهو محرم فنكاحه باطل على كل حال. ثم قالوا: فإن كان هذا العاقد عالما بتحريم العقد لم يحل له هذه المرأة المعقود عليها أبدا، وإن كان جاهلا بالتحريم بطل العقد وحلت له المرأة بعقد آخر صحيح. فلم يكن هذا القول منهم إقامة 3 لعذر الجاهل العاصي بجهله بما وجب أن يعلمه بل إبانة لأن حكمه عند هذا الجاهل العاصي في جهله متى عقد مع الحصول في الشريعة، بخلاف حكم العاقد مع العلم. وإن كان الجاهل عاصيا مفرطا. والعلم بالحكم كان لازما، وهو الآن أيضا له لازم، وإنما دخلت الشبهة على من يظن أنه بالجهل يسقط عنه وجوب العلم، وما كذلك قلنا.
.