لزال التكليف، فلم يشأ ذلك بل شاء أن يطيعوا على وجه التطوع والايثار لا على وجه الاجبار والاضطرار، وقد بين الله ذلك فقال: (أفأنت تكره الناس) يريد إني أنا أقدر على الاكراه منك ولكنه (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) 1 وكذلك الجواب في قوله (ولو شاء ربك ما فعلوه) 2، (ولو شاء لهداهم أجمعين) 3 وقوله: (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر) 4 ولو شاء لحال بينهم وبين ذلك. ولو فعل ذلك لزال التكليف عن العباد، لأنه لا يكون الأمر والنهي إلا مع الاختيار لامع الالجاء 5 والاضطرار.
وقد بين الله [ذلك] 6 بما ذكرنا من قوله (إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين) 7 فأخبر أنه لو شاء لأكرههم على الإيمان.
وقد بين ذلك ما ذكرناه من قصة فرعون وغيره أنه لم ينفعهم الإيمان في وقت الاكراه.
وقد بين الله في كتابه العزيز أنه لم يشأ الشرك، وكذب الذين أضافوا إليه ذلك، فقال تعالى: (سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شئ) 8 فأخبروا أنهم 9 إنما أشركوا بمشيئة الله تعالى فلذلك كذبهم:
.