قوله (وفي الباب عن أبي هريرة وزيد بن أرقم) أما حديث أبي هريرة فأخرجه البخاري في هذا الباب وأما حديث زيد بن أرقم فأخرجه البزار من رواية جابر الجعفي بلفظ ما ابتلى عبد بعد ذهاب دينه بأشد من ذهاب بصره ومن ابتلى ببصره فصبر حتى يلقى الله لقي الله تبارك وتعالى ولا حساب عليه قال الحافظ في الفتح وأصله عند أحمد بغير لفظه بسند جيد انتهى قوله (هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه) وأخرجه البخاري ولفظه إن الله قال إذا ابتليت عبدي بحيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة بريد عينيه قوله (من أذهبت حبيبتيه) بالثنية قال الحافظ وقد فسرهما آخر الحديث بقوله يريد عينيه والمراد بالحبيبتين المحبوبتان لأنهما أحب أعضاء الانسان إليه لما يحصل له بفقدهما من الأسف على فوات رؤية ما يريد رؤيته من خير فيسر به أو شر فيجتنبه (فصبر واحتسب) قال الحافظ المراد أنه يصبر مستحضرا ما وعد الله به الصابر من الثواب لا أن يصبر مجردا عن ذلك لأن الأعمال بالنيات وابتلاء الله عبده في الدنيا ليس من سخطه عليه بل إما لدفع مكروه أو لكفارة ذنوب أو لرفع منزلة فإذا تلقى ذلك بالرضا تم له المراد وإلا يصير كما جاء في حديث سلمان إن مرض المؤمن يجعله الله له كفارة ومستعتبا وإن مرض الفاجر كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه فلا يدري لم عقل ولم أرسل أخرجه البخاري في الأدب المفرد موقوفا انتهى (لم أرض له ثوابا دون الجنة) قال الحافظ وهذا أعظم العوض لأن الالتذاذ بالصبر يفنى بفناء الدنيا والالتذاذ بالجنة باق ببقائها وهو شامل لكل من وقع له ذلك بالشرط المذكور ووقع في حديث أبي أمامة فيه قيد آخر أخرجه البخاري في الأدب المفرد بلفظ إذا أخذت كريمتيك فصبرت عند الصدمة واحتسبت فأشار إلى أن الصبر النافع هو ما يكون في وقوع البلاء فيفوض ويسلم وإلا فمتى تضجر وتقلق في أول وهلة ثم يئس فيصبر لا يكون حصل المقصود وقد مضى حديث أنس في الجنائز إنما الصبر عند الصدمة الأولى وقد وقع في حديث العرباض فيما صححه ابن حبان فيه بشرط اخر ولفظه إذا سلبت من عبدي كريمتيه وهو بهما ضنين لم أرض له ثوابا دون الجنة
(٦٩)