بأس كقاتله) أي لعن المؤمن كقتله في أصل الإثم فلاعنه كقاتله قال الطيبي رحمه الله أي في التحريم أو في العقاب (ومن قذف مؤمنا بكفر فهو كقاتله) قال الطيبي وجه التشبيه هنا أظهر لأن النسبة إلى الكفر الموجب للقتل فالقذف بالكفر تسبب إليه والمتسبب إلى الشئ كفاعله والقذف في الأصل الرمي ثم شاع عرفا في الرمي بالزنا ثم استعير لكل ما يعاب به الإنسان ويحيق به ضرره (ومن قتل نفسه بشئ) أي من آلات القتل أو بأكل السم أو غير ذلك قوله (وفي الباب عن أبي ذر وابن عمر) أما حديث أبي ذر فأخرجه البخاري عنه مرفوعا لا يرمي رجل رجلا بالفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك وأخرجه البخاري ومسلم عنه مرفوعا من دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه وأما حديث ابن عمر فأخرجه الترمذي في هذا الباب قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه أحمد والشيخان وأبو داود والنسائي وابن ماجة قوله (أيما رجل قال لأخيه كافر) بضم الراء على البناء فإنه منادي حذف حرف ندائه كما ذكره ميرك ويؤيده ما جاء في رواية بالنداء ويجوز تنوينه على أنه خبر محذوف تقديره أنت أو هو (فقد باء به) أي رجع بتلك المقالة قال الطيبي لأنه إذا قال القائل لصاحبه يا كافر مثلا فإن صدق رجع إليه كلمة الكفر الصادر منه مقتضاها وإن كذب واعتقد بطلان دين الاسلام رجعت إليه هذه الكلمة قال النووي اختلف في تأويل هذا الرجوع فقيل رجع عليه الكفر إن كان مستحلا وهذا يعيد من سياق الخبر وقيل محمول على الخوارج لأنهم يكفرون المؤمنين هكذا نقله عياض عن مالك وهو ضعيف لأن الصحيح عند الأكثرين أن الخوارج لا يكفرون ببدعتهم قال الحافظ ولما قاله مالك وجه وهو أن منهم من يكفر كثيرا من الصحابة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة وبالإيمان فيكون تكفيرهم من حيث تكذيبهم للشهادة المذكورة لا من مجرد صدور التكفير منهم بتأويل والتحقيق أن الحديث سبق لزجر المسلم عن أن يقول ذلك لأخيه المسلم وذلك قبل وجود فرقة الخوارج وغيرهم وقيل معناه
(٣٢٦)