بيوتكم) كذا في نسخ الترمذي بزيادة لفظ كنتم بين من عندي وعلى حالكم ولا يستقيم معناه فتفكر وروى مسلم في صحيحه عن حنظلة بن الربيع الأسيدي نحو هذا الحديث وفيه لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طريقكم (ولو لم تذنبوا لجاء الله بخلق جديد) من جنسكم أو من غيركم وفي رواية مسلم لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون (كي يذنبوا) أي فيستغفروا (فيغفر لهم) لاقتضاء صفة الغفار والغفور ذلك قال الطيبي ليس الحديث تسلية منهمكين في الذنوب كما يتوهمه أهل الغرة بالله فإن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم إنما بعثوا ليردعوا الناس عن غشيان الذنوب بل بيان لعفو الله تعالى وتجاوزه عن المذنبين ليرغبوا في التوبة والمعنى المراد من الحديث هو أن الله كما أحب أن يعطي المحسنين أحب أن يتجاوز عن المسيئين وقد دل على ذلك غير واحد أسمائه الغفار الحليم التواب العفو ولم يكن ليجعل العباد شأنا واحدا كالملائكة مجبولين على التنزه من الذنوب بل يخلق فيهم من يكون بطبعه ميالا إلى الهوى متلبسا بما يقتضيه ثم يكلفه التوقي عنه ويحذره من مداناته ويعرفه التوبة بعد الابتلاء فإن وفي فأجره على الله وإن أخطأ الطريق فالتوبة بين يديه فأراد النبي صلى الله عليه وسلم به أنكم لو كنتم مجبولين على ما جبلت عليه الملائكة لجاء الله بقوم تأتي منهم الذنب فيتجلى عليهم بتلك الصفات على مقتضى الحكمة فإن الغفار يستدعى مغفورا كما أن الرزاق يستدعى مرزوقا كذا في المرقاة (مم خلق الخلق قال من الماء) قيل أي من النطقة والظاهر أن يكون اقتباسا من قوله تعالى وجعلنا من الماء كل شئ حي أي وخلقنا من الماء كل حيوان لقوله سبحانه والله خلق كل دابة من ماء وذلك لأن الماء أعظم موارده أو لفرط احتياجه إليه وانتفاعه بعينه (قلت الجنة ما بناؤها) أي هل من حجر ومدر أو خشب أو شعر (قال لبنة من فضة ولبنة من ذهب) أي يناؤها مرصع منهما (وملاطها) بكسر الميم أي ما بين اللبنتين موضع النورة في النهاية الملاط الطين الذي يجعل بين ساقني البناء يملط به الحائط أي يخلط (المسك الأذفر) أي الشديد الريح (وحصباؤها) أي حصباؤها الصغار التي في الأنهار قال القاري وقال صاحب أشعة
(١٩٣)