علامة الارسال انتهى وفيه بحث إذ لا يلزم من إنزال الصحف أن يكون المنزل عليه رسولا لاحتمال أن يكون في الصحف ما يعمل به بخاصة نفسه ويحتمل أن لا يكون فيه أمر نهي بل مواعظ ونصائح تختص به فالأظهر أن يقال الثلاثة كانوا مرسلين إلى المؤمنين والكافرين وأما نوح عليه السلام فإنما أرسل إلى أهل الأرض وكلهم كانوا كفارا هذا وقد قيل هو نبي مبعوث أي مرسل ومن قبله كانوا أنبياء غير مرسلين كآدم وإدريس عليهما السلام فإنه جد نوح على ما ذكره المؤرخون قال القاضي عياض قيل إن إدريس هو إلياس وهو نبي من بني إسرائيل فيكون متأخرا عن نوح فيصح أن نوحا أول نبي مبعوث مع كون إدريس نبيا مرسلا وأما آدم وشيث فهما وإن كانا رسولين إلا أن آدم أرسل إلى بنيه ولم يكونوا كفارا بل أمر بتعليمهم الايمان وطاعة الله وشيثا كان خلفا له فيهم بعده بخلاف نوح فإنه مرسل إلى كفار أهل الأرض وهذا أقرب من القول بأن ادم وإدريس لم يكونا رسولين كذا في المرقاة (وقد سماك الله عبدا شكورا) أي في قوله تعالى ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا (وإنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي) وفي حديث أنس عند البخاري فيقول لست هناكم ويذكر خطيئته قال الحافظ في رواية هشام ويذكر سؤال ربه ما ليس به علم وفي حديث أبي هريرة إني دعوت بدعوة أغرقت أهل الأرض ويجمع بينه وبين الأول بأنه اعتذر بأمرين أحدهما نهى الله تعالى أن يسأل ما ليس له به علم فخشي أن تكون شفاعته لأهل الموقف من ذلك ثانيهما أن له دعوة واحدة محققة الإجابة وقد استوفاها بدعائه على أهل الأرض فخشي أن يطلب فلا يجاب وقال بعض الشراح كان الله وعد نوحا أن ينجيه وأهله فلما غرق ابنه ذكر لربه ما وعده فقيل له المراد من أهلك من آمن وعمل صالحا فخرج ابنك منهم فلا تسأل ما ليس لك به علم (وإني قد كذبت ثلاث كذبات) وهي قوله إني سقيم وقوله فعله كبيرهم هذا وقوله لامرأته أخبريه أني أخوك قال البيضاوي الحق أن الكلمات الثلاث إنما كانت من معاريض الكلام لكن لما كانت صورتها صورة الكذب أشفق منها استصغارا لنفسه عن الشفاعة مع وقوعها لأن من
(١٠٥)