فسايرني وأفضى بنا الحديث إلى أن قال لي: أترى هذا الجدار؟ تدرى من صاحبه؟ قلت: ومن صاحبه؟ قال: هذا الفتى العلوي الحجازي يعنى علي بن محمد بن الرضا - عليهم السلام -، وكنا نسير في فناء داره.
قلت: ليزداد: نعم فما شأنه؟ قال: إن كان مخلوق يعلم الغيب فهو، قلت: وكيف ذلك؟ قال: أخبرك عنه بأعجوبة لم تسمع بمثلها أبدا ولا غيرك من الناس، ولكن لي الله عليك كفيل وراع إنك لا تحدث عنى أحدا، فانى رجل طبيب ولى معيشة أرعاها عند هذا السلطان، وبلغني أن الخليفة استقدمه من الحجاز فرقا منه لئلا ينصرف إليه وجوه الناس، فيخرج هذا الامر عنهم: يعنى بنى العباس، قلت: لك على ذلك فحدثني به، وليس عليك باس، إنما أنت رجل نصراني لا يتهمك أحد فيما تحدث به عن هؤلاء القوم.
قال: نعم إني أحدثك إني لقيته منذ أيام وهو على فرس أدهم، و عليه ثياب سود وعمامة سوداء، وهو أسود اللون، فلما بصرت به وقفت إعظاما له وقلت في نفسي: - لا وحق المسيح ما خرجت من فمي إلى أحد من الناس - وقلت في نفسي: ثياب سود ودابة سوداء ورجل أسود، سواد في سواد في سواد، فلما بلغ إلى [نظر إلى] (1) وأحد النظر وقال: قلبك أسود مما ترى عيناك من سواد في سواد في سواد.
قال أبى - رحمه الله -: قلت له: أجل فلا تحدث به أحدا مما صنعت وما قلت له، قال: أسقطت في يده فلم أجد جوابا، قلت له: فما أبيض قلبك لما شاهدت؟ قال: الله أعلم.