بوارقه، واسترعد خرير مائه فأسقى وأروى عطشانه، وتداعت جنانه، واستقلت به أركانه واستكثرت (1) وابله، ودام رذاذه (2) وتتابع مهطوله، فرويت البلاد واخضرت وأزهرت، ذلك علي بن أبي طالب، سيد العرب، إمام الأمة وأفضلها وأعلمها وأجملها (3) وأحكمها، أوضح للناس سيرة الهدى بعد السعي في الردى، فهو والله إذا اشتبهت الأمور، وهاب الجسور، واحمرت الحدق، وانبعث القلق، وأبرقت البواتر استربط عند ذلك جأشه، وعرف بأسه ولاذ به الجبان الهلوع: فنفس كربته وحمى حمايته، عند الخيول النكراء والداهية الدهياء (4) مستغن برأيه عن مشورة ذوي الألباب برأي صليب وحلم أريب مجيب للصواب مصيب، فأمسكت (5) القول جميعا. وأمر معاوية بإخراجه، فأخرج، وهو يقول: قد (6) جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا (7).
قال: وكان معاوية تعجبه الفصاحة ويصغي للمتكلم حتى يفرغ من كلامه.
ومنهم عقيل بن أبي طالب ذكر الشيخ عن أبي عمرو بن العلاء (8) أن عقيل بن أبي طالب لما قدم على