أمير المؤمنين عليه السلام فلما جئنا إلى القبر وكان يومئذ قبر حوله حجارة سود ولا بناء عنده، وليس في طريقه غير قائم الغري فبينا نحن عنده، بعضنا يصلي وبعضنا يقرأ وبعضنا يزور إذ نحن بأسد يقبل نحونا فلما قرب منا مقدار رمح قال بعضنا لبعض: ابعدوا عن القبر حتى ننظر ما يريد فابعدنا عنه وجاء الأسد إلى القبر وجعل يتمرغ ذراعيه على القبر، فمضى رجل منا فشاهده وعاد فأعلمنا فزال الرعب عنا وجئنا بأجمعنا حتى شاهدناه يمرغ ذراعيه على القبر وفيه جرح فلم يزل يمرغه ساعة ثم انزاح عن القبر ومضى، فعدنا لما كنا عليه.
ومن محاسن القصص ما قرأته بخط والدي قال: سمعت شهاب الدين بندار بن ملك دار القمي يقول: حدثني كمال الدين شرف المعالي بن عنان (غياث خ ل) (1) القمي قال:
دخلت إلى حضرة مولانا أمير المؤمنين عليه السلام فزرته وتحولت إلى موضع المسألة ودعوت ثم قمت فعلق مسمار من الضريح المقدس في قبائي فمزقه فقلت مخاطبا لأمير المؤمنين عليه السلام: ما أعرف عوض هذا إلا منك، وكان إلى جانبي رجل رأيه غير رأيي فقال مستهزئا: ما يعطيك عوضه إلا قباء ورديا، فانفصلنا من الزيارة وجئنا إلى الحلة وكان جمال الدين قشتمر الناصري - رحمه الله - قد هيأ لشخص يريد أن ينفذه إلى بغداد يقال له (ابن مايست) قباءا وقلنسوة وأمر له بهما فخرج الخادم على لسان قشتمر وقال: هاتوا كمال الدين القمي المذكور. فأخذ بيدي ودخل إلى الخزانة وخلع علي قباء ملكيا ورديا، فخرجت ودخلت حتى أسلم على قشتمر و أشكر له فنظر إلي نظرا عرفت الكراهية في وجهه، والتفت إلى الخادم مغضبا وقال:
طلبت فلانا يعني ابن مايست. فقال الخادم: إنما قلت: كمال الدين القمي وشهد الجماعة الذين كانوا جلوسا عنده أنه أمر بإحضار كمال الدين القمي.
فقلت: أيها الأمير أنت ما خلعت علي هذه الخلعة إنما خلعها علي أمير المؤمنين عليه السلام، فالتمس مني الحكاية فحكيتها له، فخر ساجدا وقال: الحمد لله