منافعهما في غيرها فإنه لا ينتفع منهما بكثيرة فائدة حتى يدخلاها فتسير مياههما في جنباتها وتنبطح في رساتيقها فيأخذون صفوه هنيئا ويرسلون كدره وآجنه إلى البحر لأنهما يشتغلان عن جميع الأراضي التي يمران بها ولا ينتفع بهما في غير السواد إلا بالدوالي والدواليب بمشقة وعناء...
وكانت غلات السواد (إلى آخر ما فيه من المطالب المفيدة والفوائد النفيسة، ولولا خوف الإطالة لأوردت جميعه هنا فمن أراده فليطلبه من هناك)).
وقال نصر بن مزاحم في أوائل كتاب صفين (ص 17 - 18 من النسخة المطبوعة بالقاهرة سنة 1365):
(نصر: عبد الله بن كردم بن مرثد قال:
لما قدم علي عليه السلام حشر أهل السواد فلما اجتمعوا أذن لهم فلما رأى كثرتهم قال: إني لا أطيق كلامكم ولا أفقه عنكم، فأسندوا أمركم إلى أرضاكم في أنفسكم، وأعمه نصيحة لكم. قالوا: نرسا، ما رضي فقد رضيناه وما سخط فقد سخطناه.
فتقدم فجلس إليه فقال: أخبرني عن ملوك أرض فارس، كم كانوا؟ - قال: كانت ملوكهم في هذه المملكة الآخرة اثنين وثلاثين ملكا. قال: فكيف كانت سيرتهم؟
قال: ما زالت سيرتهم في عظم أمرهم واحدة، حتى ملكنا كسرى بن هرمز، فاستأثر بالمال والأعمال وخالف أولينا وأخرب الذي للناس وعمر الذي له واستخف بالناس، فأوغر نفوس فارس حتى ثاروا عليه فقتلوه، فأرملت نساؤه ويتم أولاده.
فقال: يا نرسا، إن الله عز وجل خلق الخلق بالحق، ولا يرضى من أحد إلا بالحق، وفي سلطان الله تذكرة مما خول الله، وإنها لا تقوم مملكة إلا بتدبير، ولا بد من إمارة، ولا يزال أمرنا متماسكا ما لم يشتم آخرنا أولنا، فإذا خالف آخرنا أولنا وأفسدوا، هلكوا وأهلكوا.
ثم أمر عليهم أمراءهم).
قال عبد السلام محمد هارون وهو الذي علق على الكتاب وحققه وشرحه