هؤلاء ولكن قد كان فيهم منافقون وزنادقة ولم يهتدوا إلى هذه الفتنة ولا خطر لهم مثل هذه المكيدة.
ومما ينقدح لي في الفرق بين هؤلاء القوم وبين العرب الذين عاصروا رسول الله صلى الله عليه وآله أن هؤلاء من العراق وساكني الكوفة، وطينة العراق ما زالت تنبت أرباب الأهواء وأصحاب النحل العجيبة والمذاهب البديعة، وأهل هذا الإقليم أهل بصر وتدقيق ونظر وبحث عن الآراء والعقائد وشبه معترضة في المذاهب وقد كان منهم في أيام الأكاسرة مثل ماني وديصان ومزدك وغيرهم، وليست طينة الحجاز هذه الطينة، ولا أذهان أهل الحجاز هذه الأذهان، والغالب على أهل الحجاز الجفاء والعجرفية وخشونة الطبع، ومن سكن المدن منهم كأهل مكة والمدينة والطائف فطباعهم قريبة من طباع أهل البادية بالمجاورة ولم يكن فيهم من قبل حكيم ولا فيلسوف ولا صاحب نظر وجدل ولا موقع شبهة ولا مبتدع نحلة ولهذا نجد مقالة الغلاة طارئة وناشئة من حيث سكن علي عليه السلام بالعراق والكوفة لا في أيام مقامه بالمدينة وهي أكثر عمره فهذا ما لاح لي من الفرق بين الرجلين في المعنى المقدم ذكره).
قال العالم الخريت الخبير والناقد النحرير البصير الحاج السيد حبيب الله الهاشمي العلوي الآذربيجاني الخوئي - قدس الله تربته وأعلى في أعلى عليين رتبته - في منهاج البراعة بعد أن شرح ما اختاره السيد الرضي - رضي الله عنه - في نهج البلاغة من هذه الخطبة تحت عنوان (ومن خطبة له عليه السلام وهي الثانية والتسعون من المختار في باب الخطب خطب بها بعد انقضاء أمر النهروان وهي من خطبه المشهورة رواها غير واحد حسبما تطلع عليه في ضمن فصلين ما نصه (أنظر المجلد الثالث من الطبعة الأولى ص 146 - 147):
(تكملة - إعلم أن هذه الخطبة الشريفة ملتقطة من خطبة طويلة أوردها في البحار بزيادة واختلاف كثير لما أورده السيد (ره) في الكتاب أحببت أن أورد تمامها توضيحا للمرام وغيرة على ما أسقطه السيد (ره) اختصارا أو اقتصارا من عقائل الكلام فأقول:
روى المحدث العلامة المجلسي (ره) من كتاب الغارات لإبراهيم بن محمد