على دجلة في الحرب وسلبه ملكه، فأما خلعهم للخلفاء فإن معز الدولة خلع المستكفي ورتب عوضه المطيع، وبهاء الدولة أبا نصر بن عضد الدولة خلع الطائع ورتب عوضه القادر، وكانت مدة ملكهم كما أخبر به عليه السلام، وكإخباره عليه السلام لعبد الله بن العباس رحمه الله تعالى عن انتقال الأمر إلى أولاده فإن علي بن عبد الله لما ولد أخرجه أبوه عبد الله إلى علي عليه السلام فأخذه وتفل في فيه وحنكه بتمرة قد لاكها، ودفعه إليه وقال:
خذ إليك أبا الأملاك، هكذا الرواية الصحيحة وهي التي ذكرها أبو العباس المبرد في كتاب الكامل وليست الرواية التي يذكر فيها العدد بصحيحة ولا منقولة من كتاب معتمد عليه، وكم له من الإخبار عن الغيوب الجارية هذا المجرى مما لو أردنا استقصاءه لكرسنا له كراريس كثيرة وكتب السير تشتمل عليها مشروحة.
فإن قلت: لماذا غلا الناس في أمير المؤمنين عليه السلام فادعوا فيه الإلهية لإخباره عن الغيوب التي شاهدوا صدقها عيانا ولم يغلوا في رسول الله صلى الله عليه وآله فيدعوا له الإلهية وإخباره عن الغيوب الصادقة قد سمعوها وعلموها يقينا وهو كان أولى بذلك لأنه الأصل المتبوع ومعجزاته أعظم وإخباره عن الغيوب أكثر؟
قلت: إن الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وآله وشاهدوا معجزاته وسمعوا أخباره عن الغيوب الصادقة عيانا كانوا أشد آراء وأعظم أحلاما وأوفر عقولا من تلك الطائفة الضعيفة العقول السخيفة الأحلام الذين رأوا أمير المؤمنين عليه السلام في آخر أيامه كعبد الله ابن سبأ وأصحابه فإنهم كانوا من ركاكة البصائر وضعفها على حال مشهورة فلا عجب عن مثلهم أن تستخفهم المعجزات فيعتقدوا في صاحبها أن الجوهر الإلهي قد حله لاعتقادهم أنه لا يصح من البشر هذا إلا بالحلول.
وقد قيل: إن جماعة من هؤلاء كانوا من نسل النصارى واليهود وقد كانوا سمعوا من آبائهم وسلفهم القول بالحلول في أنبيائهم ورؤسائهم فاعتقدوا فيه عليه السلام مثل ذلك، ويجوز أن يكون أصل هذه المقالة من قوم ملحدين أرادوا إدخال الالحاد في دين الإسلام فذهبوا إلى ذلك، ولو كانوا في أيام رسول الله صلى الله عليه وآله لقالوا فيه مثل هذه المقالة إضلالا لأهل الإسلام وقصدا لإيقاع الشبهة في قلوبهم ولم يكن في الصحابة مثل