أهل الجمل لحسن ظنهم بطلحة والزبير وكون عائشة زوجة الرسول صلى الله عليه وآله معهم وأما أهل النهروان فكانوا أهل قرآن وعبادة واجتهاد وعزوف عن الدنيا وهم كانوا قراء العراق وزهادها، وأما معاوية فكان فاسقا مشهورا بقلة الدين والانحراف عن الإسلام وكذلك ناصره ومظاهره على أمره عمرو بن العاص ومن اتبعهما من طغام أهل الشام وأجلافهم وجهال الأعراب فلم يكن أمرهم خافيا في جواز قتالهم ومحاربتهم (انتهى)).
أقول: ما نقله المجلسي (ره) تلخيص من كلام ابن أبي الحديد وإلا فكلامه أبسط من ذلك فمن أراد البسط فليراجع شرح النهج لابن أبي الحديد.
ثم لا يخفى أن لابن أبي الحديد في شرح الخطبة كلاما آخر يعجبني نقله هناك وهو قوله (ج 2، ص 175):
(واعلم أنه عليه السلام قد أقسم في هذا الفصل بالله الذي نفسه بيده أنهم لا يسألونه عن أمر يحدث بينهم وبين القيامة إلا أخبرهم به وأنه ما صح من طائفة من الناس تهتدي بها مائة وتضل بها مائة إلا وهو مخبر لهم إن سألوه برعاتها وقائدها وسائقها ومواضع نزول ركابها وخيولها ومن يقتل منها قتلا ومن يموت منها موتا، وهذه الدعوى ليست منه عليه السلام ادعاء الربوبية ولا ادعاء النبوة ولكنه كان يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أخبره بذلك ولقد امتحنا أخباره فوجدناه موافقا فاستدللنا بذلك على صدق الدعوى المذكورة كإخباره عن الضربة التي تضرب في رأسه فتخضب لحيته، وإخباره عن قتل الحسين ابنه عليهما السلام، وما قاله في كربلا حيث مر بها، وإخباره بملك معاوية الأمر من بعده، وإخباره عن الحجاج وعن يوسف بن عمر، وما أخبر به من أمر الخوارج بالنهروان، وما قدمه إلى أصحابه من إخباره بقتل من يقتل منهم وصلب من يصلب، وإخباره بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين، وإخباره بعدة الجيش الوارد من الكوفة لما شخص عليه السلام إلى البصرة لحرب أهلها، وإخباره عن عبد الله بن الزبير، وقوله فيه: خب صب يروم أمرا ولا يدركه، ينصب حبالة الدين لاصطياد الدنيا وهو بعد مصلوب قريش، وكإخباره عن هلاك البصرة بالغرق، وهلاكها تارة أخرى بالزنج،