فهذه أسانيد في غاية الصحة، وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه وأصحابه، لا يصح عن أحد من الصحابة خلاف هذا أصلا.
قال على: وقد شهد الصلاة عليها خيار الأمة، فلم ينكروا ذلك، فأين المشنع بعمل أهل المدينة؟:
واحتج من قلد مالكا في ذلك بما رويناه من طريق ابن أبي شيبة: نا حفص بن غياث عن ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صلى على جنازة في المسجد فلا صلاة له) قال: وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تضايق بهم المكان رجعوا ولم يصلوا.
ومن طريق وكيع عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن أيمن عن كثير بن عباس (1) قال:
لأعرفن ما صليت على جنازة في المسجد.
وقال بعضهم: الميت جيفة، وينبغي تجنيب الجيف المساجد.
ما نعلم لهم شيئا موهوا به غير هذا، وهو كله لا شئ.
اما الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فلم يروه أحد الا صالح مولى التوأمة، وهو ساقط.
ومن عجائب الدنيا تقليد المالكيين مالكا دينهم، فإذا جاءت شهادته التي لا يحل ردها - لثقته - اطرحوها ولم يلتفتوا إليها فوا خلافاه!.
روينا من طريق مسلم بن الحجاج قال: نا أبو جعفر الدارمي - هو أحمد بن سعيد ابن صخر - نا بشر بن عمر - هو الزهراني (2) قال: سألت مالك بن أنس عن صالح مولى التوأمة؟ فقال: ليس بثقة (3).
فكذبوا مالكا في تجريحه صالحا واحتجوا برواية صالح في رد السنن الثابتة واجماع الصحابة.
وأما المنكرون ادخال سعد في المسجد فليس في الخبر إلا تجهيلهم، وانهم أنكروا مالا علم لهم به، فصح أنهم عامة جهال أو أعراب كذلك بلا شك.
ولا يصح لكثير بن عباس صحبة.
وأما قول من قال: الميت جيفة فقوله مرغوب عنه، بل لعله إن تمادى عليه ولم يتناقض