وروى أيضا عن علي بن أبي طالب، وأبي موسى، وعبد الله بن عمرو بن العاصي.
قال أبو محمد: أين المهولون (1) من أصحاب مالك وأبي حنيفة بتعظيم خلاف الصاحب الذي لا يعرف له مخالف من الصحابة؟ وقد خالفوا ههنا فعل عمر بحضرة الصحابة، لا يعرف له منهم مخالف، ومعه طوائف ممن ذكرنا، ومعهم حديث مرسل بمثل ذلك، وطوائف من التابعين ومن بعدهم؟! وبه يقول الشافعي.
وأما نحن فلا حجة عندنا إلا فيما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فان قالوا: قد جاء عن ابن عباس في هذا خلاف.
قلنا: ليس كما تقولون، إنما جاء عن ابن عباس: السجود عشر، وقد جاء عنه:
ليس في ص سجدة، فبطل ان يصح عنه خلاف في هذا، بل قد صح عنه السجود في الحج سجدتين، كما روينا من طريق شعبة عن عاصم الأحول عن أبي العالية عن ابن عباس قال: فضلت سورة الحج على القرآن بسجدتين.
واختلف أفي ص سجدة أم لا؟.
وإنما قلنا: بالسجود فيها لأنه قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم السجود فيها، وقد ذكرناه قبل هذا في سجود الخطيب يوم الجمعة يقرأ السجدة.
واختلف في السجود في حم، فقالت طائفة: السجدة عند تمام قوله تعالى (ان كنتم إياه تعبدون) وبه نأخذ، وقالت طائفة: بل عند قوله (وهم لا يسأمون)، وإنما اخترنا ما اخترنا لوجهين: أحدهما ان الآية التي يسجد عندها قبل الأخرى، والمسارعة إلى الطاعة أفضل، والثاني أنه أمر بالسجود، واتباع الامر أولى.
وقال بعض من لم يوفق للصواب: وجدنا السجود في القرآن إنما هو في موضع الخبر، لا في موضع الامر.
قال أبو محمد: وهذا هو أول من خالفه لأنه وسائر المسلمين يسجدون في الفرقان في قوله تعالى (وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا: وما الرحمن؟ أنسجد لما تأمرنا؟ وزادهم نفورا) وهذا أمر لاخبر، وفى قراءة الكسائي وهي إحدى القراءات الثابتة: (ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخب ء في السماوات والأرض) إلى آخر الآية بتخفيف: (ألا) بمعنى:
ألا يا قوم اسجدوا، وهذا أمر، وفى النحل عند قوله تعالى: (ويفعلون ما يؤمرون).