قال أبو محمد: لا يحل الاقتصار على بعض هذه الآثار دون بعض لأنها كلها سنن، ولا يحل النهى عن شئ من السنن.
فأما مالك فإنه في اختياره بعض ما روى من طريق ابن عباس، وعائشة رضي الله عنهما وتقليد أصحابه له في ذلك -: هادمون أصلا لهم كبيرا، وهو أن الثابت عن عائشة، وابن عباس خلاف ما رويا (1) مما اختاره مالك كما أوردنا آنفا، ومن أصلهم أن الصاحب إذا صح عنه خلاف ما روى كان ذلك دليلا على نسخه، لأنه لا يترك ما روى إلا لان عنده علما بسنة هي أولى من التي ترك، وهذا مما تناقضوا فيه.
واما أبو حنيفة ومن قلده فإنهم عارضوا سائر ما روى بأن قالوا: لم نجد في الأصول صفة شئ من هذه الاعمال.
قال أبو محمد: وهذا ضلال يؤدى إلى الانسلاخ من الاسلام لأنهم مصرحون بأن لا يؤخذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم سنة، ولا يطاع له أمر: إلا حتى يوجد في سائر الديانة حكم آخر مثل هذا الذي خالفوا، ومع هذا فهو حمق من القول.
وليت شعري من أين وجب أن لا تؤخذ لله شريعة الا حتى توجد أخرى مثلها والا فلا؟ وما ندري هذا يجب، لأبدين ولا بعقل، ولا برأي سديد، ولا بقول متقدم، وما هم بأولى من آخر قال: بل لا آخذ بها حتى أجد لها نظيرين أو من ثالث قال: لا حتى أجد لها ثلاث نظائر والزيادة ممكنة لمن لا دين له ولا عقل ولا حياء!.
ثم نقضوا هذا فجوزوا صلاة الخوف كما جوزوها، ولم يجدوا لها في الأصول نظيرا، في أن يقف المأموم في الصلاة بعد دخوله فيها مختارا للوقوف، لا يصلى بصلاة.
امامه، ولا يتم ما بقي عليه وجوزوا البناء في الحدث، ولم يجدوا في الأصول لها نظيرا، أن يكون في صلاته بلا طهارة، ثم لا يعمل عمل صلاته، ولا هو خارج عنها، والقوم لا يبالون بما قالوا.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا يجهر في صلاة الكسوف. وقال من احتج لهم: لو جهر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم لعرف بما قرأ.
قال أبو محمد: هذا احتجاج فاسد، وقد عرف ما قرأ.
حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا محمد (1) في النسخة رقم (14) (ما روينا) وهو خطأ ظاهر * (*)