صاموا لأجل الغيم لم يفطروا وجها واحدا لأن الصوم إنما كان على وجه الاحتياط فلا يجوز الخروج منه بمثل ذلك والله أعلم (مسألة) قال (ولا يفطر إذا رآه وحده) روي هذا عن مالك والليث وقال الشافعي يحل له أن يأكل حيث لا يراه أحد لأنه يتيقنه من شوال فجاز له الاكل كما لو قامت به بينة ولنا ما روى أبو رجاء عن أبي قلابة أن رجلين قدما المدينة وقد رأيا الهلال، وقد أصبح الناس صياما فأتيا عمر فذكرا ذلك له فقال لأحدهما أصائم أنت؟ قال بل مفطر، قال ما حملك على هذا؟ قال لم أكن لأصوم وقد رأيت الهلال، وقال للآخر قال أنا صائم، قال ما حملك على هذا؟ قال لم أكن لأفطر والناس صيام، فقال للذي أفطر لولا مكان هذا لأوجعت رأسك ثم نودي في الناس أن اخرجوا أخرجه سعيد عن ابن علية عن أيوب عن أبي رجاء، وإنما أراد ضربه لافطاره برؤيته ودفع عنه الضرب لكمال الشهادة به وبصاحبه، ولو جاز له الفطر لما أنكر عليه ولا تواعده، وقالت عائشة إنما يفطر يوم الفطر الإمام وجماعة المسلمين ولم يعرف لهما مخالف في عصرهما فكان اجماعا، ولأنه يوم محكوم به من رمضان فلم يجز الفطر فيه كاليوم الذي قبله، وفارق ما إذا قامت البينة فإنه محكوم به من شوال بخلاف مسألتنا، وقولهم إنه يتيقن أنه من شوال قلنا لا يثبت اليقين لأنه يحتمل أن يكون الرائي خيل إليه كما روي أن رجلا في زمن عمر قال: لقد رأيت الهلال، فقال له امسح عينك فمسحها ثم قال له تراه؟ قال لا، قال لعل شعرة من حاجبك تقوست على عينك فظننتها هلالا أو ما هذا معناه (1) (فصل) فإن رآه اثنان ولم يشهدا عند الحاكم جاز لمن سمع شهادتهما الفطر إذا عرف عدالتهما ولكل واحد منهما الفطر بقولهما لقول النبي صلى الله عليه وسلم " وإذا شهد اثنان فصوموا وأفطروا " وإن شهدا عند الحاكم فرد شهادتهما لجهله بحالهما فلمن علم عدالتهما الفطر بقولهما لأن رد الحاكم ههنا ليس بحكم منه وإنما هو توقف لعدم علمه فهو كالوقوف عن الحكم انتظارا للبينة، ولهذا لو تثبت عدالتهما بعد ذك حكم بها، وإن لم يعرف أحدهما عدالة صاحبه لم يجز له الفطر إلا أن يحكم بذلك الحاكم لئلا يفطر برؤيته وحده (مسألة) قال (وإذا اشتبهت الأشهر على الأسير فإن صام شهرا يريد به رمضان فوافقه أو ما بعده أجزأه وإن وافق ما قبله لم يجزه) وجملته أن من كان محبوسا أو مطمورا، أو في بعض النواحي النائية عن الأمصار لا يمكنه تعرف
(٩٥)