(فصل) والأفضل عند إمامنا رحمه الله الفطر في السفر وهو مذهب ابن عمر وابن عباس وسعيد ابن المسيب والشعبي والأوزاعي وإسحاق، وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: الصوم أفضل لمن قوى عليه، ويروى ذلك عن أنس وعثمان بن أبي العاص واحتجوا بما وري عن مسلمة بن المحبق ان النبي صلى الله عليه وسلم قال " من كانت له حمولة يأوي إلى شبع فليصم رمضان حيث أدركه " رواه أبو داود، ولان من خير بين الصوم والفطر كان الصوم أفضل كالتطوع، وقال عمر بن عبد العزيز ومجاهد وقتادة أفضل الامرين أيسرهما لقول الله تعالى " يريد الله بكم اليسر " ولما روى أبو داود عن حمزة بن عمرو قال: قلت يا رسول الله اني صاحب ظهر أعالجه وأسافر عليه وأكريه وانه ربما صادفني هذا الشهر يعني رمضان وأنا أجد القوة وأنا شاب وأجدني ان أصوم يا رسول الله أهون علي من أن أؤخر فيكون دينا علي أفأصوم يا رسول الله أعظم لأجري أم أفطر؟ قال " اي ذلك شئت يا حمزة " ولنا ما تقدم من الاخبار في الفصل الذي قبله، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " خيركم الذي يفطر في السفر ويقصر " ولان في الفطر خروجا من الخلاف فكان أفضل كالقصر وقياسهم ينتقض بالمريض ويصوم الأيام المكروه صومها (مسألة) قال (وقضاء شهر رمضان متفرقا يجزئ والمتتابع أحسن) هذا قول ابن عباس وأنس بن مالك وأبي هريرة وابن محيريز وأبي قلابة ومجاهد وأهل المدينة والحسن وسعيد بن المسيب وعبيد الله بن عتبة واليه ذهب مالك وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي والشافعي وإسحاق وحكي وجوب التتابع عن علي وابن عمر والنخعي والشعبي، وقال داود: يجب ولا يشترط لما روى ابن المنذر باسناده عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال " من كان عليه صوم رمضان فليسرده ولا يقطعه " ولنا اطلاق قول الله تعالى (فعدة من أيام أخر) غير مقيد بالتتابع، فإن قيل فقد روي عن عائشة انها قالت نزلت (فعدة من أيام أخر متتابعات) فسقطت متتابعات، قلنا هذا لم يثبت عندنا صحته ولو صح فقد سقطت اللفظة المحتج بها وأيضا قول الصحابة، قال ابن عمر: ان سافر فإن شاء فرق وان شاء تابع وروي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال أبو عبيدة بن الجراح في قضاء رمضان: ان الله لم يرخص لكم في فطره وهو يريد أن يشق عليكم في قضائه، وروي الأثرم باسناده عن محمد بن المنكدر أنه قال بلغني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن تقطيع قضاء رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لو كان على أحدكم دين
(٨٨)