(فصل) ومن أبيح له الفطر لشدة شبقه ان أمكنه استدفاع الشهوة بغير جماع كالاستمناء بيده أو يد امرأته أو جاريته لم يجز له الجماع لأنه فطر للضرورة فلم تبح له الزيادة على ما تندفع به الضرورة كأكل الميتة عند الضرورة وإن جامع فعليه الكفارة وكذلك إن أمكنه دفعها بمالا يفسد صوم غيره كوطئ زوجته أو أمته الصغيرة أو الكتابية أو مباشرة الكبيرة المسلمة دون الفرج أو الاستمناء بيدها أو بيده لم يبح له افساد صوم غيره لأن الضرورة إذا اندفعت لم يبح له ما وراءها كالشبع من الميتة إذا اندفعت الضرورة بسد الرمق وان لم تندفع الضرورة الا بافساد صوم غيره أبيح ذلك لأنه مما تدعو الضرورة إليه فأبيح كفطره وكالحامل والمرضع يفطران خوفا على ولديهما فإن كان له امرأتان حائض وطاهر صائمة ودعته الضرورة إلى وطئ إحداهما احتمل وجهين (أحدهما) وطئ الصائمة أولى لأن الله تعالى نص على النهي عن وطئ الحائض في كتابه ولان وطأها فيه اذى لا يزول بالحاجة إلى الوطئ والثاني يتخير لأن وطئ الصائمة يفسد صيامها فتتعارض المفسدتان فيتساويان (مسألة) قال (وكذلك المسافر) يعني ان المسافر يباح له الفطر فإن صام كره له ذلك وأجزأه، وجواز الفطر للمسافر ثابت بالنص والاجماع وأكثر أهل العلم على أنه إن صام أجزأه، ويروى عن أبي هريرة أنه لا يصح صوم المسافر، قال أحمد كان عمر وأبو هريرة يأمرانه بالإعادة، وروى الزهري عن أبي سلمة عن أبيه عبد الرحمن ابن عوف أنه قال: الصائم في السفر كالمفطر في الحضر. وقال بهذا قوم من أهل الظاهر لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ليس من البر الصوم في السفر " متفق عليه، ولأنه عليه السلام أفطر في السفر فلما بلغه ان قوما صاموا قال " أولئك العصاة " وروى ابن ماجة باسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " الصائم في رمضان في السفر كالمفطر في الحضر " وعامة أهل العلم على خلاف هذا القول، قال ابن عبد البر هذا قول يروى عن عبد الرحمن بن عوف هجره الفقهاء كلهم والسنة ترده وحجتهم ما روي عن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أصوم في السفر؟ وكان كثير الصيام قال " ان شئت فصم وان شئت فأفطر " وفي لفظ رواه النسائي أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أجد قوة على الصيام في السفر فهل علي جناح؟ قال " هي رخصة الله فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه " وقال أنس: كنا نسافر مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم، متفق عليه، وكذلك روى أبو سعيد وأحاديثهم محمولة على تفضيل الفطر على الصيام
(٨٧)