للصائم وكان ابن عباس وهو راوي حديثهم يعد الحجام والمحاجم فإذا غابت الشمس احتجم بالليل كذلك رواه الجوزجاني وهذا يدل على أنه علم نسخ الحديث الذي رواه ويحتمل ان النبي صلى الله عليه وسلم احتجم فأفرط كما روى عنه عليه السلام انه قاء فأفطر. فإن قيل فقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى الحاجم والمحتجم يغتابان فقال ذلك قلنا لم تبت صحة هذه الرواية مع أن اللفظ أعم من السبب فيجب العمل بعموم اللفظ لا بخصوص السبب على أننا قد ذكرنا الحديث الذي فيه بيان علة النهي عن الحجامة وهي الخوف من الضعف فيبطل التعليل بما سواه أو يكون كل واحد منهما علة مستقلة على أن الغيبة لا تفطر الصائم إجماعا فلا يصح حمل الحديث على ما يخالف الاجماع. قال أحمد: لأن يكون الحديث كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم " أفطر الحاجم والمحجوم " أحب إلينا من أن يكون من الغيبة لأن من أراد أن يمتنع من الحجامة امتنع وهذا أشد على الناس، من يسلم من الغيبة؟ فإن قيل: فإذا كانت علة النهي ضعف الصائم بها فلن يقتضي ذلك الفطر وإنما يقتضي الكراهة ومعنى قوله " أفطر الحاجم والمحجوم " أي قربا من الفطر. قلنا هذا تأويل يحتاج إلى دليل على أنه لا يصح ذلك في حق الحاجم فإنه لا ضعف فيه (1) (الفصل الثالث) أنه يفطر بكل ما أدخله إلى جوفه أو مجوف في جسده كدماغه وحلقه ونحو ذلك مما ينفد إلى معدته إذا وصل باختياره وكان مما يمكن التحرز منه سواء وصل من الفم على العادة أو غير العادة كالوجود واللدود أو من الانف كالسعوط أو ما يدخل من الاذن إلى الدماغ أو ما يدخل من العين إلى الحلق كالكحل أو ما يدخل إلى الجوف من الدبر بالحقنة أو ما يصل من مداواة الجائفة إلى جوفه أو من دواء المأمومة إلى دماغه فهذا كله يفطره لأنه واصل إلى جوفه باختياره فأشبه الاكل وكذلك لو جرح نفسه أو جرحه غيره باختياره فوصل إلى جوفه سواء استقر في جوفه أو عاد فخرج منه وبهذا كله قال الشافعي وقال مالك لا يفطر بالسعوط الا أن ينزل إلى حلقه ولا يفطر إذا داوى المأمومة والجائفة واختلف عنه في الحقنة واحتج له بأنه لم يصل إلى الحلق منه شئ أشبه ما لم يصل إلى الدماغ ولا
(٣٧)