أحمد ثنا هشيم عن يونس عن الحسن قال لما نزلت هذه الآية (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) قال رجل يا رسول الله ما السبيل؟ قال " الزاد والراحلة " ولأنها عبادة تتعلق بقطع مسافة بعيدة فاشترط لوجوبها الزاد والراحلة كالجهاد، وما ذكروه ليس باستطاعة فإنه شاق وإن كان عادة والاعتبار بعموم الأحوال دون خصوصها كما أن رخص السفر تعم من يشق عليه ومن لا يشق عليه (فصل) ولا يلزمه الحج ببذل غيره له ولا يصير مستطيعا بذلك سواء كان الباذل قريبا أو أجنبيا وسواء بذل له الركوب والزاد أو بذل له مالا وعن الشافعي انه إذا بذل له ولده ما يتمكن به من الحج لزمه لأنه أمكنه الحج من غير منة تلزمه ولا ضرر يلحقه فلزمه الحج كما لو ملك الزاد والراحلة ولنا أن قول النبي صلى الله عليه وسلم يوجب الحج الزاد والراحلة يتعين فيه تقدير ملك ذلك أو ملك ما يحصل به بدليل ما لو كان الباذل أجنبيا، ولأنه ليس بمالك للزاد والراحلة ولا ثمنهما فلم يلزمه الحج كما لو بذل له والده ولا نسلم انه لا يلزمه منة، ولو سلمنا فيبطل ببذل الوالد وبذل من للمبذول له على أيادي كثيرة ونعم (1) (فصل) ومن تكلف الحج ممن لا يلزمه فإن أمكنه ذلك من غير ضرر يلحق بغيره مثل أن يمشي ويكتسب بصناعة كالخرز أو معاونة من ينفق عليه أو يكتري لزاده ولا يسأل الناس استحب له الحج لقول الله تعالى (يأتوك رجالا وعلى كل ضامر) فقدم ذكر الرجال ولان في ذلك مبالغة في طاعة الله عز وجل وخروجا من الخلاف، وإن كان يسال الناس كره له الحج لأنه يضيق على الناس ويحصل كلا عليهم في التزام ما لا يلزمه، وسئل أحمد عمن يدخل البادية بلا زاد ولا راحلة فقال لا أحب له ذلك هذا يتوكل على أزواد الناس (فصل) ويختص اشتراط الراحلة بالبعيد الذي بينه وبين البيت مسافة القصر، فأما القريب الذي يمكنه المشي فلا يعتبر وجود الراحلة في حقه لأنها مسافة قريبة يمكنه المشي إليها فلزمه كالسعي
(١٧٠)