غرر، وفى الثانية الفوائد لا تحصل بعمله، ولو أعطاها له ليعلفها من عنده بنصف درها ففعل ضمن له المالك العلف، وقول الروضة بدل النصف نسب إلى سبق قلم وضمن الآخر للمالك نصف الدر، وهو القدر المشروط له لحصوله بحكم بيع فاسد ولا يضمن الدابة لأنها غير مقابلة بعوض، فإن قال: لتعلفها بنصفها ففعل، فالنصف المشروط مضمون على العالف لحصوله بحكم الشراء الفاسد دون النصف الآخر.
كتاب الإجارة بكسر الهمزة المشهور وحكى ابن سيده ضمها، وصاحب المستعذب فتحها، وهي لغة، اسم للأجرة. ثم اشتهرت في العقد. وشرعا عقد على منفعة مقصودة معلومة قابلة للبذل والإباحة بعوض معلوم، فخرج بمنفعة العين، وبمقصودة النافهة كاستئجار بياع على كلمة لا تتعب، وبمعلومة القراض والجعالة على عمل مجهول. وبقباله لما ذكر منفعة البضع فإن العقد عليها لا يسمى إجازة. فإن قيل منفعة البضع لم تدخل حتى يحتاج إلى إخراجها، فإن الزوج ما ملك المنفعة، وإنما ملك أن ينتفع. أجيب بأن قولهم على منفعة ليس فيه أنه ملك المنفعة، فلهذا أخرجت بقابلة للبذل، وبعوض هبة المنافع والوصية بها الشركة والإعارة، وبمعلوم المساقاة والجعالة على عمل معلوم بعوض مجهول كالحج بالرزق ودلالة الكافر لنا على قلعة نحاربهم منها، نعم يرد عليه بيع حق الممر ونحو والجعالة عل عمل معلوم بعوض. الأصل فيها قبل الاجماع قوله تعالى " فإن أرضعن لكن فآتوهن أجورهن " وجه الدلالة أن الإرضاع بلا عقد تبرع لا يوجب أجرة وإنما يوجبها ظاهر العقد فتعين، وخبر الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجرته، وخبر البخاري أنه صلى الله عليه وسلم والصديق رضي الله عنه استأجرا رجلا من بنى الديل يقال له عبد الله بن الأريقط، وخبر مسلم أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن المزارعة وأمر بالمؤاجرة، وخبر ابن ماجة والبيهقي أنه صلى الله عليه وسلم قال " أعطوا الأجير أجرته قبل أنه يجف عرقه " وروى أن عليا أجر نفسه من يهودي فاستقى له كل بتمرة حتى بلغ بضعا وأربعين دلوا، والحاجة داعية إليها، إذ ليس لكل أحد مركوب ومسكن وخادم، فجوزت لذلك كما جوز بيع الأعيان. وأركانها أربعة. عاقدان وصيعة وأجرة ومنفعة، وقد بدأ بشرط الركين الأول، فقال (شرطهما) أي المؤجر والمستأجر وإن لم يتقدم لهما ذكر لدلالة الإجارة عليهما (كبائع ومشتر) في شرطهما وتقدم بيانه. نعم إسلام المشترى شرط فيما كان المبيع عبد مسلما وهنا لا يشترط، فيصح من الكافر استئجار المسلم كما في قصة على رضى الله تعالى عنه إجارة ذمة. وكذا إجارة عين على الأصح مع الكراهة كما نص عليه الشافعي رضى الله تعالى عنه. لكن يؤمر بإزالة ملكه عن المنافع على الأصح في شرح المهذب بأن يؤجره المسلم، وعلم من قوله كبائع أن الأعمى لا يكون مؤجرا وإن جاز له إجارة نفسه.
(تنبيه) يرد على طرده السفيه فإنه يجوز له إجارة نفسه فيما ليس بمقصود من عمله كما مر في باب الحجر لأنه لما جاز أن يتطوع على غيره بالعمل فأولي بعوض بخلاف المقصود من عمل مثله، ويرد على عكسه ما لو أجر السيد عبد نفسه فإنه لا يصلح وإن صح أن يبيعه نفسه كما ذكره المصنف في فتاويه، والشريكان في العقار، إذا تنازعا المهايأة أجر القاضي عليهما، ويرجع في المدة إلى اجتهاد القاضي كما بحثه الزركشي. ثم شرع في الركن الثاني فقال (والصيغة) نحو قول المؤجر (آجر هذا) الثوب مثلا (أو أكريتك) إياه (أو ملكتك منافعه سنة بكذا) وإن لم يقل من الآن كما سيأتي (فيقول) المستأجر فورا (قبلت أو استأجرت أو اكتريت) أو استكريت.
(تنبيه) قوله: وللصيغة مبتدأ لا معطوف وما بعده خيره، وهو قوله أجرتك هذا الخ، ومعنى أجرتك سنة: أي