(والله أعلم) وللبائع الخيار في الأصح. فإن قيل: طريقة المصنف مشكلة حيث راعى هنا المسمى وهناك العقد. أجيب بأن البائع هناك نقص حقه، فنزل الثمن على العقد الأول، ولا ضرر على المشتري، وهنا يزيد فلا يلتفت إليه. (وإن كذبه) أي البائع المشتري، (ولم يبين) أي البائع، (لغلطه وجها محتملا) بفتح الميم. (لم يقبل قوله) لأنه رجوع عن إقرار تعلق به حق آدمي. (ولا بينته) إن أقامها عليه لتكذيبه لها بقوله الأول. (وله تحليف المشتري أنه لا يعرف ذلك في الأصح) لأنه قد يقر عند عوض اليمين عليه. والثاني: لا، كما لا تسمع بينته. وعلى الأصح إن حلف أمضى العقد ما حلف عليه، وإن نكل عن اليمين ردت على البائع بناء على الأظهر من أن اليمين المردودة كالاقرار، فيحلف على البت أن ثمنه المائة والعشرة.
قال الشارح تبعا لغيره: وللمشتري حينئذ الخيار، أي على الوجه الضعيف القائل بثبوت الزيادة، وأما على المعتمد فلا يثبت له وللبائع الخيار. وقال الشيخان: كذا أطلقوه، وقضية قولنا أن اليمين المردودة كالاقرار أن يعود فيه ما ذكرنا حالة التصديق، أي فلا خيار للمشتري، وهذا هو المعتمد كما قال في الأنوار إنه هو الحق، قال: وما ذكراه من إطلاقهم غير مسلم فإن الامام والمتولي والغزالي أوردوا أنه كالتصديق اه. فإن قيل: قول الشيخين كذا أطلقوه إلخ ما فائدته مع أنا لو قلنا إنها كالبينة كان الحكم كذلك؟ أجيب بأن فائدة قولهما المذكور إحالة الحكم فيه على ما ذكراه فإنهما لم يذكرا حكم إقامة البينة ليحيلا عليه، فظهر أن ما بحثناه جار على القولين، وهذا لا يأتي على القولين إلا فيما إذا بين لغلطه وجها محتملا كما سيأتي وإلا فلا يصح إلا على القول بأنها كالاقرار كما يعلم من البناء المتقدم. (وإن بين) لغلطه وجها محتملا. كقوله: جاءني كتاب على لسان وكيلي بأنه اشتراه بكذا فبان كذبا عليه، أو تبين لي بمراجعة جريدتي أني غلطت من ثمن متاع إلى غيره، (فله التحليف) كما سبق لأن العذر يحرك ظن صدقه. (والأصح) على التحليف (سماع بينته) التي يقيمها بأن الثمن ما ذكره. والثاني: لا، لتكذيبه لها. قال في المطلب: وهذا هو المشهور والمنصوص عليه.
خاتمة: لو اتهب بشرط الثواب ذكره وباع به مرابحة أو اتهبه بلا عوض أو ملكه بإرث أو وصية أو نحو ذلك ذكر القيمة وباع بها مرابحة، ولا يبيع بلفظ القيام ولا الشراء ولا رأس المال لأن ذلك كذب، وله أن يقول في عبد هو أجرة أو عوض خلع أو نكاح (أو صالح به عن دم قام علي بكذا أو بذكر أجرة المثل في الإجارة ومهره في الخلع والنكاح والدية في الصلح، ولا يقول اشتريت ولا رأس المال كذا لأنه كذب. والدراهم في قولهم: اشتريته بكذا أو بعتكه به وربح درهم يكون من نقد البلد، سواء أكان الثمن من نقد البلد أم لا، وهذا عند الاطلاق، فإن عينا أن يكون الربح من جنس الثمن الأول أو من غير جنسه عمل به كما يؤخذ من كلام الزركشي.
باب: بيع (الأصول والثمار) وغيرهما. قال المصنف في تحريره: الأصول الشجر والأرض، والثمار جمع ثمر، وهو جمع ثمرة. قال السبكي: أخذ المصنف هذه الترجمة من التنبيه ولم أرها لغيرهما. وقال الأذرعي: ذكرها منصور التميمي في المستعمل. وهو جمع بين ترجمتي بابين متجاورين للشافعي: أحدهما باب ثمر الحائط يباع أصله، والآخر: باب الوقت الذي يحل فيه بيع الثمار. واعلم أن اللفظ المتناول غيره في عقد البيع سبعة: الأول: الأرض أو نحوها، فإذا (قال: بعتك) أو رهنتك (هذه الأرض) أو العرصة (أو الساحة) وهي الفضاء بين الأبنية، (أو البقعة، وفيها بناء وشجر) فإن باعها أو رهنها بما فيها من