قال: (ويثبت أيضا نسب المجهول) لأن الوارث الحائز قد استلحقه. والثاني: يؤثر الانكار فيحتاج المقر إلى البينة على نسبه.
والثالث: لا يثبت نسب المجهول لزعمه أن المقر ليس بوارث. وعلى الأول لو أقر الحائز والمجهول بنسب ثالث فأنكر الثالث نسب الثاني سقط نسبه لأنه ثبت نسب الثالث، فاعتبر موافقته في ثبوت نسب الثاني، وهذا من باب قولهم: أدخلني أخرجك. ولو أقر بأخوين مجهولين معا فكذب كل منهما الآخر أو صدقه ثبت نسبهما لوجود الاقرار من الحائز، وإن صدق أحدهما الآخر فكذبه الآخر سقط نسب المكذب - بفتح الذال - دون نسب المصدق إن لم يكونا توأمين، وإلا فلا أثر لتكذيب الآخر، ولان المقر بأحد التوأمين مقر بالآخر. ولو كان المنكر اثنين والمقر واحدا للمقر تحليفهما، فإن نكل أحدهما لم ترد اليمين على المقر لأنه لا يثبت بها نسبا ولا يستحق بها إرثا. ولو أقر الورثة بزوجية امرأة للمورث ثبت لها الميراث كما لو أقروا بنسب شخص، وكذا لو أقروا بزوج للمرأة. وإن أقر البعض وأنكر البعض لم يثبت لها ميراث في الظاهر كنظيره من النسب، أما في الباطن فكما تقدم في النسب. وخرج بمن لا ولاء عليه من عليه ولاء، فإنه إذا أقر بأخ أو أب فإنه لا يقبل لما فيه من الاضرار بالسيد، بخلاف ما لو أقر بنسب ابن فإنه يقبل لأن به حاجة إلى استلحاق الابن لأنه لا يتصور ثبوت نسبه من جهة غيره إلا ببينة، بخلاف الأب والأخ فإنه يتصور ثبوته من جهة أبيهما ولأنه قادر على إنشاء الاستيلاد فصح إقراره به. (و) الأصح (أنه إذا كان الوارث الظاهر بحجبه المستلحق) بفتح الحاء، (كأخ أقر بابن للميت ثبت النسب) للابن، لأن الوارث الحائز في الظاهر قد استلحقه. (ولا إرث) له للدور الحكمي، وهو أن يلزم من إثبات الشئ نفيه، وهنا يلزم من إرث الابن عدم إرثه، لأنه لو ورث لحجب الأخ فيخرج عن كونه وارثا فلم يصح إقراره، ولو أقر به الأخ والزوجة لم ير ث معهما لذلك، وكما لو اشترى شخص أباه في مرض موته فإنه يعتق عليه ولا يرث. ولو خلف بنتا أعتقته فأقرت بأخ لها فهل يرث أو لا؟ وجهان: أوجههما نعم، لأنه لا يحجبها بل يمنعها عصوبة الولاء. ولو مات عن بنت وأخت فأقرتا بابن له سلم للأخت نصيبها لأنه لو ورث لحجبها. ولو ادعى مجهول على أخي الميت أنه ابن الميت فأنكر الأخ ونكل عن اليمين فحلف المدعي اليمين المردودة ثبت نسبه ولم يرث لما مر في إقرار الأخ.
خاتمة: لو أقر ابنان من ثلاثة بنين بأخ لهم وشهدا له عند إنكار الثالث قبلت شهادتهما لأنها لا تجر لهما نفعا بل ضررا.
ولو أقر بأخ وقال منفصلا: أردت من الرضاع لم يقبل لأنه خلاف الظاهر، ولهذا لو فسر بأخوة الاسلام لم يقبل. فإن قيل: قد قال العبادي: لو شهد أنه أخوه لا يكتفى به لأنه يصدق بأخوة الاسلام، فكان ينبغي أن يكون هنا كذلك. أجيب بأن المقر يحتاط لنفسه بما يتعلق به فلا يقر إلا عن تحقيق، فإن ذكره متصلا قبل.
كتاب العارية بتشديد الياء بخطه، وقد تخفف، وفيها لغة ثالثة: عارة بوزن ناقة. وهي اسم لما يعار، ولعقدها، من عار إذا ذهب وجاء، ومنه قيل للغلام الخفيف عيار لكثرة ذهابه ومجيئه. وقيل: من التعاور، وهو التناوب، وقال الجوهري: كأنها منسوبة إلى العار، لأن طلبها عار وعيب. واعترض عليه بأنه (ص) فعلها كما سيأتي، ولو كانت عيبا ما فعلها، وبأن ألف العارية منقلبة عن واو، فإن أصلها عورية، وأما ألف العار فمنقلبة عن ياء بدليل عيرته بكذا. وحقيقتها شرعا إباحة الانتفاع بما يحل الانتفاع به مع بقاء عينه. والأصل فيها قبل الاجماع قوله تعالى: * وتعاونوا على البر والتقوى) * وفسر جمهور المفسرين قوله تعالى: * (ويمنعون الماعون) * بما يستعيره الجيران بعضهم من بعض كالدلو والفأس